بانتظار يوم الثلاثاء المقبل، موعد لقاء رؤساء الجمهورية العماد ​ميشال عون​ والمجلس النيابي ​نبيه بري​ والحكومة ​سعد الحريري​، من هو الخاسر والرابح في ما حصل خلال الايام الثلاثة الماضية؟!.

يبدو وبحسب المراقبين لا يوجد رابح واحد، والخاسرون من بينهم الذين زايدوا على مواقف بري ونوابه ووزرائه، وطالبوا باستقالة وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ ومحاكمته، والى ما هنالك من مواقف "تزلف وكيدية" لا تقدم ولا تؤخر في سياق الاحداث .

وأضاف هؤلاء ان محاولات زعماء ​حركة أمل​ التنصل من مسؤوليتهم عن اعمال الشغب التي حصلت في عدة مناطق من ​لبنان​ وخاصة في الحدت، والادعاء بأن ما حصل كان حركات عفويّة، يدل اذا ما صحت هذه المقولة، ان هناك خلل كبير داخل هذه الحركة حيث يتمكن عناصر غير منضبطة بتوريطها بمشاكل كادت ان تأخذ بعدا يعيد البلاد الى اجواء الحرب اللبنانيّة .

ويعتقد المراقبون ان ردة فعل حركة أمل لم تكن بالمستوى الحضاري والسياسي المطلوب، مما اضعف موقفها، بعدان كانت صاحبة الحق في الدفاع عن نفسها سياسيا وليس بالشارع .

في المقابل خسرت الدولة زخما من هيبتها، بعد الإنجازات التي حققتها في مكافحة الاٍرهاب والتجسس، ولم تنجح إجراءاتها الاستباقية في منع ظهور الصورة امام اللبنانيين وكأننا على مشارف "حرب أهلية"، وان كانت مجريات الامور تتطلّب اكبر درجة من الحذر والحيطة .

أما في السياسة فان رئيس ​التيار الوطني الحر​ جبران باسيل خسر الكثير، وان كان قد ربح حسب بعض خبراء الانتخابات عددا من الأصوات في المناطق المسيحية، الا ان كلماته وتصرفاته اساءت للعهد قبل ان تكون قد اساءت لرئيس المجلس النيابي، حيث سمحت تصرفاته لتطاول البعض على مقام ​رئاسة الجمهورية​ وعلى شخص الرئيس، لدرجة ان عددا من المقرّبين كانوا يفضّلون ان يصحح باسيل خطأه دون اقحام رئيس الجمهوريّة في هذه الورطة .

لكن وبرأي المراقبين فإنّ ​حركة امل​ وردّات فعل انصارها، اثبتت مرة اخرى ان ولاءها لزعيمها لم ولن تتبدّل وبالطريقة المعروفة التي يعربون فيها عن هذا الولاء.

ويطرح المراقبون سؤالا جوهريًّا عما اذا كان ​حزب الله​ تقاعس عمدا او قسرا عن اداء دور الوسيط الحازم لحل الخلاف الذي بدأت مؤشّراته مع بروز قضية مرسوم الاقدمية منذ نهاية العام الماضي، بين حليفيه حركة امل والتيار البرتقالي، فوقع في شر هذا التقاعس وتحمل اكثر من سواه تبعة تداعيات ما حصل، والذي قد بلغ حد تقليص رصيده لدى الجمهور المسيحي العريض الذي بذل جهدا استثنائيا لتحقيق انفتاح عليه وحضور لديه؟.

وبسبب البيان الذي اصدره حزب الله مساء الاثنين الماضي، بدا وكأنه يختار الانحياز الى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري، فأصبح في نظر شريحة مسيحية وغير مسيحية، كأنه يميل للعودة الى مربّعه الشيعي الاول، وخسارته هنا وكأنه اصبح بين ليلة وضحاها محاصرا بشبهة المسؤولية غير المباشرة عما حدث مؤخّرًا، لانه تباطأ عن المعالجة يوم بدأت بوادر ازمة المرسوم وغاب تماما عن المشهد في اللحظة التي كان الوضع المحتدم يحتاج فيها الى حضوره القوي، وانه استنتاجا كان يتعيّن عليه ان يمنع وصول الامور الى حد الكسر الذي يبدو وكأنه يحتاج الى جراحة خارقة .

ويؤكد المراقبون، انه بعد احداث الايام الماضية وامام الخسارة التي منيت بها جميع القوى وكادت تودي بخسارة اكبر، فانه من الصعوبة بمكان ان تسمح كل القوى التي كان لها علاقة مباشرة بما حدث تكرار المشاهد نفسها، مع علمها بان الذيول السياسية لهذه الازمة لم تنتهِ وستبقى تتفاعل، لكن انشغال كبار المسؤولين بالتهديدات الإسرائيلية ومطامعها في نفط لبنان، يمكن ان يضع هذه المشاكل على الرفّ وتتولى نتائج الانتخابات النيابية المقبلة حلها او وضعها في إطارها الضيق .