رأت ​صحيفة الشرق الأوسط​ انه معروفٌ بالنسبة للبنان، أن الحدود السورية – اللبنانية انتهكت غير مرة خلال العقود الأخيرة. وكان آخرها قتال ​حزب الله​ داخل ​سوريا​، مشيرة الى ان عاملان مهمّان سهّلا على الحزب "الذي هو ذراع ​إيران​ السياسية والعسكرية داخل لبنان" خرق الحدود من الجانبين، الأول: كون "نظام" دمشق جزءاً من استراتيجية التوسّع الإيراني داخل العالم العربي باتجاه البحر المتوسط، والثاني: تمتعه بغطاء سياسي مسيحي مؤثّر، بفضل تفاهمه مع ​التيار الوطني الحر​، الذي هو الطرف المسيحي الأكثر تشدداً في لبنان، والموقف الإكليريكي المسيحي المُعبَّر عنه في كل من سوريا ولبنان الذي يعتبر أن حكم آل الأسد يبقى أقل سوءاً من أي بديل مطروح.

وذكرت الصحيفة ان هذان العاملان، حصّنا تدخل حزب الله، ولاحقاً، التدخل الإيراني المباشر، بعد ظهور تنظيمات متطرّفة كتنظيم داعش وجبهة النصرة في الساحة السورية، وتسابق قوى إقليمية سنّية على دعمها، قبل أن تغيّر هذه القوى نفسها مواقفها بعدما أجهزت أو كادت على عناصر الاعتدال بين فصائل الانتفاضة المسلحة.

ورأت الصحيفة انه كما ترتبك الصورة في الجنوب السوري بعد التلويح ال​إسرائيل​ي بعمل عسكري لمنع إيران من ترسيخ وجودها هناك، وتحويل حزب الله ​جنوب لبنان​ مصنعاً للصواريخ التي تهدّدها، فجّر ​جبران باسيل​، وزير الخارجية اللبناني، معركة "كسر عظم" سياسية مع الرئيس نبيه برّي رئيس مجلس النواب ورئيس ​حركة أمل​ التي هي الحليف الشيعي الرئيس لحزب الله لافتة الى ان توقيت معركة باسيل - صهر رئيس الجمهورية ورئيس "تياره"، مع برّي مفهوم. فهو يأتي على أبواب انتخابات سيلجأ فيها العونيون، كالعادة، إلى المزايدة واحتكار الدفاع عن المصالح ​المسيحية​. وهؤلاء بعدما كانوا قد جيّشوا حملة تحريض وتهييج وادعاء مظلومية بعد 2005، اختاروا "شيطنة" تيار "المستقبل" والسنة عموماً - عام 2009. ثم منذ 2011 لجأوا إلى "دعشنتهم" لتبرير تغطيتهم حرب إيران في سوريا.

إلا أن الجديد هذه المرة، هو التغيّر المُحتمَل في المعطيات والقراءات. ذلك أن واشنطن تبدو أكثر جدية الآن في مواجهة حزب الله، بعد فترة إدارة باراك أوباما "المتعاطفة" مع إيران وأدواتها. ثم إن إسرائيل النافرة من السلام تبدو جاهزة أكثر من أي وقت مضى لحرب جديدة الغاية منها ليست بالضرورة القضاء على إيران وحزب الله، بل إعادة تقاسم خريطة سوريا والهلال الخصيب، فالجنوب السوري هو المنطقة الوحيدة التي لم يحسم "التقسيم الواقعي" لسوريا مصيرها بعد. وهي المنطقة المتاخمة لإسرائيل لاتصالها غرباً بالجولان وجبل الشيخ، وبعدهما بالجنوب اللبناني و"الممرّ الشيعي" الواصل بين الكتلتين الشيعيتين اللبنانيتين الكبيرتين في البقاع والجنوب.

واعتبرت ان وزير الخارجية اختار خلال الأسبوع بدء حملة تهييج الشارع المسيحي باشتباك مع برّي في جزء منه "جس نبض" لخيارات حزب الله التفضيلية. لكنه قبلاً، مع اشتداد الضغوط الأميركية، وجه كذلك انتقادات مبطّنة إلى الحزب، مشيرة الى ان محاولة باسيل التملص من تحالفه مع الشيعية السياسية الآن - إذا كان ذلك ضمن اعتباراته - رهان كبير وغير مأمون العواقب، والركون إلى واشنطن وتل أبيب مجازفة أكبر.