أشار عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ​أمل أبو زيد​، خلال افتتاح مؤتمر "الوجود المسيحي في ​لبنان​ والشرق الأوسط" في العاصمة البلجيكية ​بروكسل​، إلى "أنّني جئتكم من لبنان، وطن الأرز والحرية، الوطن الرسالة الّذي كان وسيبقى منارة حوار وثقافة وحضارة في الشرق وعلى شاطىء المتوسط. جئتكم من جزين، عروس الشلال والجنوب المقاوم، حاملًا إليكم تحية عطر وباقة من كلمات صادقة طالعة من القلب والعقل. لا تأخذكم الأقاويل والشائعات ولا تأبهوا لما يروجّه أصحاب النيات السوداء بقصد التشويش والتعمية على الحقائق والإنجازات"، مشدّداً على أنّ "لبنان بخير مقارنة بما يجري حوله وفي محيطه. فقد نجح في أن يبقى خارج حروب المنطقة ونيرانها، وعندما أراد الإرهاب أن يتسلّل إلى أرضه. كان له ​الجيش اللبناني​ بالمرصاد وهزمه ودحره"، لافتاً إلى أنّه "عندما كانت بلدان المنطقة تشتعل بالعنف والحقد والتطرف والإرهاب، ظلّ لبنان بلد الحياة والحوار والإعتدال والتسامح، وواحة أمن واستقرار في صحراء مشتعلة. لبنان وباعتراف المجتمع الدولي هو البلد الأكثر أمناً وأماناً في المنطقة".

ونوّه أبو زيد، إلى "أنّنا نتكلّم اليوم عن الواقع السياسي المسيحي، فذلك يعني اعترافاً ضمنيّاً بأنّ لبنان فشل حتّى الآن بأن يصبح وطناً يتساوى فيه أبناؤه في التطلعات والهواجس. وضروري أن نتبع مقاربة جديدة تخرجنا من النمط المبسط وتنقلنا الى أسلوب حيوي وتقدمي، يأخذ في الإعتبار التغيرات الداخلية والخارجية الّتي طرأت على المجتمع والمحيط اللذين يعيش فيهما مسيحيو لبنان والمشرق".

وركّز على أنّ "لبنان القوي برسالته وتكوينه، بموقعه وأبنائه، صار له رئيس قوي، أعاد لرئاسة الجمهورية دورها ومكانتها، وللوطن حضوره الفاعل، رئيس عقد العزم على إنقاذ الجمهورية وإعادة بناء الدولة وإرساء التوازن الوطني وتحقيق التنمية والعدالة الإجتماعية و​مكافحة الفساد​ على كلّ المستويات"، مؤكّداً أنّ "مع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، تحقّق في لبنان خلال سنة واحدة ما لم يتحقّق في عقود وعهود"، موضحاً أنّه "تمّ وضع قانون جديد للإنتخابات على أساس النظام النسبي لأوّل مرّة في ​تاريخ لبنان​ لتأمين تمثيل أكثر عدالة وتوازن. تمّ دحر الإرهاب واجتثاثه وتفكيك خلاياه وشبكاته. تمّ إقرار قانون ​الموازنة​ بعد غياب دزينة أعوام، ومع الموازنة أقرّت ​سلسلة الرتب والرواتب​ لإنصاف العاملين في الدولة وقطاعها العام".

وبيّن أبو زيد، أنّه "أُعيد إحياء وتشكيل المجلس الإقتصادي الإجتماعي ووضعت ​بيروت​ مجدّداً على خريطة العواصم المؤهلة لاستضافة وتنظيم مؤتمرات وندوات ومنتديات دولية. والأهم من كلّ ذلك، تحقّق في مستهلّ عهد الرئيس عون، الربط الوثيق بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، وجرى ربط اللبنانيين المنتشرين في كلّ أصقاع الأرض ببلدهم الأم عبر قوانين وتشريعات أتاحت لهم استعادة جنسيتهم اللبنانية والمشاركة في ​الإنتخابات النيابية​، مع ما يعنيه ذلك من مشاركة رمزية في صنع القرارات والسياسات"، مشيراً إلى أنّ "هذا الإنجاز الّذي يحصل للمرّة الأولى بفضل جهود ​وزارة الخارجية اللبنانية​، وتصميم ومثابرة وزير الخارجية ​جبران باسيل​، لا يقف عند هذا الحد، إنّما ستليه خطوات وإنجازات هدفها تعزيز العلاقة بين الدولة والإنتشار الّذي لديه حقوق بمقدار ما عليه واجبات، لجذب اللبنانيين إلى أرضهم ووطنهم للمساهمة في تقدّمه وإزدهاره".

وأكّد أنّه "مثلما نحن فخورون باللبنانيين الّذين رفعوا إسم لبنان عالياً أينما حلوا، وأثبتوا تفوقّهم وامتلاكهم لطاقات وقدرات كبيرة، لا ينقصنا في لبنان إلّا البيئة الحاضنة والحوافز المشجعة والعوامل المساعدة، فإنّنا مقتنعون بأنّ اللبنانيين المنتشرين ملتصقون بوطنهم ومستعدّون للعودة إليه بمجرّد أن تتوافر لديهم الثقة بدولتهم ومؤسّساتها"، منوّهاً إلى أنّه "صحيح أنّ لبنان ونظامه السياسي يواجهان تحديات كبيرة وخطيرة في ظلّ صراع مذهبي في لبنان والمنطقة بالتوازي مع الأعباء الّتي يرتّبها الصراع في الشرق الأوسط بين ​إسرائيل​ والقوى العربية والإسلامية المواجهة لها. وأهمّ هذه التحديات الحفاظ على الوحدة الوطنية، وعلى النظام الديمقراطي وعلى الإقتصادي الليبرالي العادل".

ولفت أبو زيد، إلى "أنّنا بدأنا مسيرة استعادة الثقة، وهذه مهمّة صعبة لكنّها ليست مستحيلة، تحقّق الكثير لكن الطريق طويلة لتحقيق المزيد وإيجاد الحلول الناجزة لأزمات مزمنة كالكهرباء والطرقات و​النفايات​ والاستشفاء والتعليم والسكن، إضافة الى تحسين النمو وتعزيز الإقتصاد وخلق فرص عمل لعشرات الآلاف من شاباتنا وشبابنا الذين يتجهون قسرا لا طوعا نحو الغربة والهجرة"، مشدّداً على أنّ "هناك إرادة لا تلين وعزيمة لا تضعف لمكافحة الفساد ووضع حدّ للهدر وسرقة المال العام وإعادة هيكلية الدولة ومؤسساتها وتوفير العدالة الإجتماعية ومنح الأجيال الصاعدة فرصة لإثبات ذاتها وقدراتها، بعيداً من المحسوبيات والتبعيات. وكلّ ذلك من دون إهمال القضايا والمسائل الوطنية الكبرى وفي مقدّمتها تطبيق الدستور نصّاً وروحاً وممارسةً، بما يؤدّي إلى تكريس التوازن الوطني في وطن يقوم على احترام التعددية والتنوّع الثقافي والطوائفي والغنى الحضاري. ونحن فخورون بهذه التركيبة التي تماثل وتشابه الى حد بعيد ما هو قائم في وطنكم الثاني ​بلجيكا​".

وركّز على "أنّنا حريصون على لبنان التعايش والتفاعل، ونتطلّع إلى اليوم الّذي يصبح فيه مركزاً دولياً دائماً لحوار الأديان والحضارات، كما يسعى ويطمح الرئيس عون"، مشيراً إلى "أنّنا على يقين أنّ التعايش المسيحي-الإسلامي الّذي بات نموذجاً ومثالًا يحتذى به في الشرق الأوسط، لا يمكن أن يستمرّ إلّا على أساس التوازن الوطني الّذي لا يستقيم إلّا في ظلّ وجود مسيحي قوي ومصان، فمن دون وجود مسيحي لا توازن ولا تعايش، ومن دون العيش المشترك يفقد لبنان دوره ومبرر وجوده".

وأوضح أبو زيد، أنّ "لبنان واجه في السنوات الأخيرة عواصف وتحديات إقليمية ألقت بثقلها عليه، لكنّه نجح في تجاوزها والحدّ من تداعياتها، ومن أبرز هذه التحديات أزمة ​النزوح السوري​ الّتي تفوق قدرة لبنان على التحمّل بإمكاناته المحدودة وتركيبته المجتمعية الدقيقة. لكن هذا الملف سيجد طريقه إلى الحلّ من خلال العودة الآمنة للنازحين، بعدما وضعت الحرب أوزارها في مناطق واسعة من ​سوريا​ وبالاتفاق مع الحكومة السورية وبرعاية ​الأمم المتحدة​. ويبقى أنّ الضامن الأول هو توافق اللبنانيين على رفض توطين النازحين بالإصرار والتصميم عينه الذي واجهوا به رفض توطين الفلسطينيين".