في وقت تتجه فيه الأنظار إلى اللقاء في ​القصر الجمهوري​ في بعبدا اليوم، الذي سيجمع ​الرئيس ميشال عون​ ورئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​، بدأت بعض الأوساط السياسية الحديث عن أن هذا اللقاء لن يكون الخاتمة السعيدة للصراع بين "​التيار الوطني الحر​" و"​حركة أمل​"، الذي تفجر، في الفترة الأخيرة، على خلفية الفيديو المُسرب لوزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​.

بالنسبة إلى "أمل"، الهدف الأساس من هذا اللقاء طي صفحة الإنفلات الذي حصل في الشارع على خلفية الأزمة الأخيرة بشكل نهائي، لكن في المقابل هناك صفحة أخرى لن تطوى قبل إعتذار وزير الخارجية والمغتربين من اللبنانيين، إلا أنه في مكان آخر بدأ العمل على صياغة توازن جديد في البلاد، سيكون رئيس المجلس النيابي ركناً رئيسياً فيه، تحضيراً للإستحقاقات التي ستأتي بعد ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في السادس من آيار.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن بري يسعى إلى تأمين وصول عدد من المرشحين المسيحيين المعارضين لـ"الوطني الحر" إلى الندوة البرلمانية، نظراً إلى أنه يدرك جيداً أن التيار يسعى في المقابل إلى إيجاد الأرضيّة اللازمة لمعركة إنتخابية بوجهه على موقع رئاسة المجلس النيابي، بالرغم من حسم "​حزب الله​" موقفه من هذا الأمر، حيث يريد التيار الرد على عدم دعم رئيس المجلس النيابي ترشيح عون إلى ​رئاسة الجمهورية​، والذهاب إلى الترويج لرئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ حتى اللحظات الأخيرة.

وفي حين تؤكد هذه المصادر أن بري مرتاح إلى الدعم الذي سيلقاه، بعد الإستحقاق النيابي، من غالبيّة المكون الشيعي، نظراً إلى أن "حركة أمل" و"حزب الله" سيحصدان أغلب المقاعد الخاصة بالطائفة، ترجح ألاّ يشارك "الوطني الحر"، في هذا المعركة، أياً من الأفرقاء الفاعلين، نظراً إلى أن غالبيّة القوى والشخصيات السياسية تدرك أن لا مصلحة لها فيها، وبالتالي هي ستكون معركة صورية بغرض توجيه رسالة له.

بعد الإنتهاء من هذه المعركة، ترى المصادر نفسها أن بري لن يكون متساهلاً على الإطلاق في مفاوضات تشكيل حكومة العهد الأولى، حيث كان أكد رئيس الجمهورية منذ إنتخابه أنها ستكون تلك التي ستأتي بعد الإنتخابات النيابية، وهو على هذا الصعيد يراهن على تضامن "حزب الله" وباقي مكونات قوى الثامن من آذار معه، كما حصل عند تشكيل الحكومة الحالية، وربما يسعى إلى أن يكون بيده مفتاح الثلث الضامن، عبر التحالف مع رئيس "​اللقاء الديمقراطي​" النائب ​وليد جنبلاط​، الذي يبدي، بين الحين والآخر، إعتراضه على تركيبة الحكم القائمة بالتحالف بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل".

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، رئيس المجلس النيابي يريد، بعد الإنتخابات النيابية، أن يحسم الجدل حول دوره في الحكم وإدارة التوازنات المحلية، بعد أن لمس أن ما كان يحذر منه، خلال المفاوضات بين مدير مكتب رئيس الحكومة ​نادر الحريري​ ووزير الخارجية والمغتربين، بات أمراً واقعاً، وبالتالي لم يعد يستطيع مواجهة ذلك إلا من خلال تركيب تحالف نيابي عريض، حتى ولو إضطره ذلك إلى التنسيق مع أفرقاء من خارج فريقه السياسي، نظراً إلى أن ذلك لن يشمل الملفّات الإستراتيجية الكبرى التي هو أقرب إلى "الوطني الحر" فيها.

وبالرغم أنه من المبكر الحديث عن الإنتخابات الرئاسية المقبلة، التي سيكون فيها رئيس "التيار الوطني الحر" مرشحاً رئيسياً فيها، ترى هذه المصادر أن التيار لن يكون أقل تصلباً في مواقفه بعد السادس من آيار، وهو ما أظهره باسيل من خلال الرسائل التي أطلقها في حديثه إلى مجلّة الـ "Magazine"، حيث يعتبر أن معركته الأساسية هي في تحقيق الإصلاحات التي وعد بها اللبنانيون على مدى سنوات طويلة، وفي ​محاربة الفساد​ المستشري في كافة المؤسسات.

في المحصلة، لا أفق لحل الأزمة بين "الوطني الحر" و"أمل" في المدى المنظور، نظراً إلى أنها بين نهجين مختلفين بشكل كلي على المستوى الداخلي، والتيار يرى أن رئيس المجلس النيابي هو العقبة الأساس أمام مشروعه، في حين أن الحركة ترى أن هناك من يريد إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل ​إتفاق الطائف​.