أحيت ​مدرسة الحكمة​ في ​جديدة المتن​ عيد شفيعها القديس مارون، وفي المناسبة ترأس رئيس أساقفة بيروت وليّ الحكمة المطران بولس مطر، القداس الإلهي في الملعب المقفل للمدرسة، والقى عظة تحدّث فيها عن القديس مارون وعلاقة ​لبنان​ والكنيسة والحكمة به، وقال: في عيد ​مار مارون​ الناسك، نهنئكم بهذه المناسبة العزيزة على الحكمة التي تحمل اسم أب ​الموارنة​ شفيعًا لها. مدرسة الحكمة تحيا فرحًا كبيرًا، وتجتمع العائلة وتصلّي على نيّة كلّ فرد من أفرادها. على نيّة تلامذتها لكي يكبروا بالقامة والنعمة والحكمة امام الله والناس. وعلى نيّة المعلمات والمعلمين والأهل. على نيّة الكنيسة المارونيّة وكلّ كنائس ​يسوع المسيح​. على نيّة لبنان وطننا العزيز بكل أطيافه، ليكون واحة سلام ومحبّة، كما أحبّه القديس مارون . وسمعتم ​الإنجيل​ المقدّس، يحدّثنا فيه المسيح الربّ عن حبة الحنطة، حبّة القمح. ويقول عنها إن لم تمت تبقى مفردة، وإن ماتت أتت بثمر كثير. يسوع من وراء حبّة القمح، كان يقصد أولًا ذاته، هو الذي سيموت من أجل البشريّة كلّها، ويكون لها سبب خلاص. حبّة الحنطة، يسوع المسيح ماتت في الأرض وماتت لحياة البشرّ. لذلك يفتح أبصارهم، لأنهم سيكونون مثل يسوع حبّات حنطة. ونحن نقرأ هذا الإنجيل في عيد القديس مارون، لأننا نقرأ في حياته أنه هو أيضًا، كان حبّة حنطة. تنسّك في جبال قورش ومات برائحة القداسة، وأعطاه الله أن يقوم بالأعاجيب في حياته وأن يشفي الناس، وحبّة الحنطة مار مارون صار كنيسة عظيمة. وفي إنجيل ربّنا دعوة لنا جميعًا، أن نكون على غرار الربّ يسوع ومار مارون حبّات حنطة تعرف أن تُضحّي لتلاقيه. وطننا العزيز لبنان إذا ضحّينا من أجله، أنقذناه ووجدناه. نضحّي بذواتنا ومصالحنا في سبيل الوطن وليس العكس، أي أن نضحّي بوطننا في سبيل ذواتنا ومصالحنا. هذه الأمثولة نأخذها اليوم في ​عيد مار مارون​. نضحّي وننال. نموت ونحييز ونأخذ أيضًا من حياة القديس مارون، أُمثولة النسك. مار مارون تنسّك وكان يمثّل النسك السوري بالمعنى الجغرافي للكلمة. هذا النوع من النسك الذي عاشه مار مارون، نسّميه اليوم، في تاريخ حياتنا الروحيّة، النسك الرسولي. ترك العالم ولجأ إلى صلاة الله. إنقطع للصلاة ولكّنه لم ينقطع عن الناس. تقرّ ب من الله، فصار قريبًا من جميع الناس. الأمثولة هي هنا. بمقدار ما نتقرّب نحن من الله، نصبح قريبين من الناس ونحبّهم أكثر. بمقدار ما نحبّ الله، نحبّ الآخر. هذه أمثولة أبنا القديس مارون لنا جميعًا. بمقدار ما نحن نذكر الربّ، ونحيا في سبيله، نحبّ الآخرين الذين هم على صورتنا مثالنا أبناء لله، على صورته ومثاله مخلوقون. ولذلك، أيها الأحبّاء، كنيستنا متأثرّة بحياة مار مارون الناسك ومحبّته للناس، طُبِعت في هذه الروحانيّة منذ كانت حتى اليوم. هي محبّة للصلاة ولذكر الربّ، اينما كانوا. الموارنة يحبّون الصلاة. في أستراليا على سبيل المثال وفي كنيسة السيدة العذراء في سيدني التي تتسع لألفي مؤمن ومعظمهم من شمال لبنان، من منطقة وادي قاديشا والجوار. أخذ كلٍ منهم صورة قديس بلدته ووُضعت صورته في هذه الكنيسة. أي خلقوا لبنان جديد هناك ووادي قاديشا جديد. هذا هو تمسّكنا بتراث الأباء والأجداد. هذا التمسّك يجعلنا قريبين من الناس أكثر. لذلك كنيستنا وشعبنا في لبنان. طبعًا، شعبنا عاش الصعوبات، لجأ إلى الجبال للمحافظة على إيمانه وعلى حريّته، ولكن كان همّه أن يكون مرتبطًا مع ألآخرين، مستعدًا للشراكة معهم من دون حدود. وشعبنا موجود في كلّ لبنان شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، لأنه أراد أن يرتبط بكلّ اللبنانيين، بقلب أبيض ويدٍ بيضاء ممدودة للتعاون مع الجميع. هذا هو تراثنا، صلابة في الإيمان ومحبّة للربّ وانفتاح على الآخرين، على أساس أن نكون إخوة متضامنين. فنأخذ هذه الأمثولات التي تسيّر حياتنا ونعرف كيف نسير في مستقبلنا. نحن للشراكة مطبوعون. نحن نتشارك في البنوّة الإلهيّة مع الربّ يسوع المسيح بعمادنا ونتشارك بالأخوّة مع جميع الناس بالمواطنيّة مع المواطنين جميعًا. هذا ما نأخذه من عيد أبينا القديس مارون تثبيتًا لروحانيتنا ولخياراتنا المعروفة منذ بداية المارونيّة وحتّى اليوم وحتّى آخر الدهر.

نحن صرنا مختبرًا للعيش الواحد المشترك بالمساواة والكرامة للجميع، نرفعه اختبارًا عظيمًا للشرق وللغرب، كما قال البابا القديس يوحنّا بولس الثاني. أنتم في الشرق إذا أردتم سلامًا، أنظروا إلى لبنان واتخذوه مثالًا لكم في العيش الواحد. أنتم في الغرب تريدون أمنًا، أنظروا إلى لبنان كيف يعيش. هذا ما قاله البابا القديس يوحنّا بولس الثاني."