وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ​يوحنا العاشر​ رسالة ​الصوم​ الاربعيني، من المركز البطريركي في دمشق، قائلا: "إخوتي رعاة الكنيسة الأنطاكية المقدسة، وأبنائي وبناتي حيثما حلوا في أرجاء هذا ​الكرسي الرسولي​.

أيها الإخوة والأبناء الروحيون الأعزاء، يطيب لي ونحن على عتبة هذه الأيام المقدسة أن أضم صوتي إلى صوت قلوبكم مصليا من أجل سلام العالم ومن أجل خير جميع الناس.نحن على عتبة زمن مبارك نصلي لمن فارقنا إلى الديار الباقية ونرفع تضرعنا إلى الرب الخالق أن يقدس حياتنا بذكره القدوس. الصيام ملك الفضائل. وهذا ما تقوله ترنيمة أحد مرفع اللحم. إذ تدعو الصيام ملك الفضائل وتخاطبه بالتورية داعية المؤمنين كي يستقبلوه كملك على النفوس يرسو بها على موانئ الخلاص:

لنسبق أيها الإخوة فننق ذواتنا لملك الفضائل. لأن ها قد وافى (الصيام) جالبا لنا ثروة الصالحات مخمدا نهضات الأهواء ومصالحا الأثمة مع السيد. فلنستقبله بسرور هاتفين إلى ​المسيح​ الإله: يامن قام من بين الأموات احفظنا أبرياء من المداينة نحن الممجدين إياك".

وأشار إلى ان "الصوم وسيلتنا لنعبر من قساوة الجسد إلى رحمانية الله. وبالصوم تنتزع من النفس كل الأهواء ليسكن فيها جمر المحبة. الصوم هو ملك الفضائل بقدر ما ينزع أدران النفس ويغسلها بالتوبة الصافية لتبرق سلاما ومحبة للآخرين. المحبة هي كنز الكنوز والصوم هو خير تعبير عن تلك المحبة وخير سبيل إليها بالقدر الذي يشحذ من النفس أهواء الضغينة والاستكبار ويجلوها بالصدقة والعطاء ويغسلها ببريق التوبة والتواضع لينجلي فيها نور قيامة المسيح"، مشددا على ان "الصوم المقدس مسيرة مصالحة مع الخالق ومع الذات ومع الآخر. هو مسيرة غفران وصفح ومصالحة. وما أحوج إنسان هذا الدهر ومجتمعاته إلى المصالحة والغفران! وهذا ما تشدد عليه الكنيسة المقدسة. فالتوبة هي مصالحة مع الخالق والمغفرة هي مصالحة مع الآخر وهي عينها قربان حمد وتمجيد لرب السماوات الذي يسر بنا بشرا متآخين".

وأضاف "توافينا هذه الأيام المباركة والشرق يرزح تحت صليبه. توافينا والعالم يتخبط بحثا عن سلام مفقود وجزعا من قلاقل. توافينا وكل منا غارق في هم من هموم حياته وفي قلق وجودي. لكن كل هذا لا يمنعنا أن ننقب و ولو قليلا ستار واقعنا ونحني ركبة قلبنا أمام الله ليهبنا السلام والتعزية والفرح السماوي. لقد آن لجلجلة هذا الشرق أن تدفن تحت عتبة القيامة. منذ فجر التاريخ وهذه المنطقة تدفع من دم وأرواح أبنائها ضريبة الحرب والدمار. ندعو الجميع في كل بلدان هذه المنطقة إلى سلوك روح التلاقي ونبذ التكفير المدان دينيا كان أو خطابيا أو ثقافيا والحفاظ على الوحدة الداخلية. ونحن كمسيحيين كنا ولا نزال من صلب هذي الأرض ومن صلب المجتمعات التي ننتمي إليها ولنا فيها دور أساس في مد جسور التواصل مع الآخر والنهوض معه بكل الأعباء". وأضاف "نصلي من أجل السلام في ​سوريا​، ومن أجل صون استقرار ​لبنان​. نصلي من أجل ​العراق​ ومصر و​فلسطين​ والأردن ومن أجل كل العالم. نصلي من أجل أن يغلب تهليل السلام تهويل الحرب وأن يجد السلام طريقه إلى قلوب الناس في الوقت الذي يجد طريقه إلى المؤتمرات. نحن كمسيحيين متجذرون هنا في الشرق في الأرض التي ولدنا فيها. وجه المسيح لن يغيب عن مشرقه الذي ولد فيه. ووجهه راسخ في فلسطين التي ولد فيها وفي ​القدس​ التي وافاها. ووجه القدس لا تغيره السياسات فهي قبلة لكل الناس وللمسيحيين والمسلمين خصوصا".