يرجح الكثير من المراقبين أن تكون المعركة الإنتخابية في دائرة ​طرابلس​-​المنية​-​الضنية​ من الأبرز على مستوى ​لبنان​ لعدة أسباب، منها تواجد أغلب القوى السياسية الفاعلة على الساحة السنيّة فيها، من دون تجاهل وجود أكثر من طامح بالدخول أو العودة إلى السراي الحكومي في هذه الدائرة.

وفي حين لا تزال التحالفات في طرابلس غامضة، حيث يفضل كل من رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ وتيار "المستقبل" والوزير السابق ​أشرف ريفي​ خوض المعركة من دون تحالفات قوية، كان الوزير السابق ​فيصل كرامي​ يسعى إلى التحالف مع ميقاتي، إذ يبدو أن المعضلة الأساسية هي في مكان آخر، متعلق بالتحالفات التي ستُبرم مع القوى والشخصيات في كل من قضاءي المنية والضنية، بسبب طبيعة القانون الإنتخابي النسبي الذي يعتمد الصوت التفضيلي على أساس الدائرة الصغرى.

تتألف هذه الدائرة من 11 مقعد نيابي: طرابلس: 5 سنة، 1 موارنة، 1 ارثوذكس، 1 علوي، الضنية: 2 سنة، في المنية: 1 سنة، بينما يبلغ عدد المقترعين 343 ألف ناخب يتوزعون على الشكل التالي: 285 الف سني، 21 ألف روم أرثوذكس، 21 الف علوي، 11 الف ماروني، 2000 أرمني، و4000 من طوائف مسيحية مختلفة، لكن على مستوى الدوائر الصغرى عدد الناخبين هو: 235 ألفا في طرابلس، 71 ألفا في الضنية، و37 ألفا في المنية.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة على العملية الإنتخابية في هذه الدائرة، عبر "النشرة"، الى أن أي مرشح قوي من المنية، يكون من ضمن لائحة قادرة على تأمين الحاصل الإنتخابي، سيحجز المقعد الأول من المقاعد المخصصة لها، نظراً إلى أن النسبة التي سيحصل عليها في ترتيب الأصوات التفضيلية ستكون هي الأكبر، والأمر نفسه ينطبق على أي مرشح قوي في الضنية لكن بنسبة أقل.

إنطلاقاً من ذلك، يفضل المرشحون الأقوياء في طرابلس الإبتعاد عن مرشحين أقوياء في المنية والضنية كي لا يضعف ذلك من فرص فوزهم، وهذا الإحتمال يبدو واضحاً في حالة رئيس "المركز الوطني في الشمال" ​كمال الخير​ المرشح عن المنية، الذي يعتبر من الأقوى على مستوى الدائرة الصغرى، لكنه يحتاج للإنضمام إلى لائحة قادرة على تأمين الحاصل، وتؤكد المصادر أن أغلب اللوائح تفضل تغييب الخير عنها، الأمر الذي سيصبّ دون شك في مصلحة المرشح الآخر، المدعوم من تيار "المستقبل"، النائب الحالي ​كاظم الخير​، ما يخلق معضلة حقيقية لدى قوى الثامن من آذار، نظراً إلى أن الخير محسوب على هذه القوى، ولا يملك مروحة واسعة من الخيارات في نسج التحالفات.

في هذا الإطار، تشير هذه المصادر إلى أن عدد اللوائح في هذه الدائرة سيكون بالحد الأدنى 4، الأولى عامودها الفقري تيار "المستقبل" والثانية رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والثالثة الوزير السابق فيصل كرامي والرابعة الوزير السابق أشرف ريفي، موضحة أن "المستقبل" قد يعمد إلى تشكيل لائحتين، خصوصاً إذا ما قرر التحالف مع النائب ​محمد الصفدي​، حيث سيكون من مصلحته توزيع مرشحيه الأساسيين: ​محمد كبارة​، محمد الصفدي، ​سمير الجسر​، ​مصطفى علوش​ على لائحتين.

بالإنتقال إلى المرشحين عن المنية (مقعد واحد)، تشير المصادر نفسها إلى أن لائحة كرامي سيكون لديها مرشحاً هو على الأرجح العقيد المتقاعد عادل زريقة، في حين أن لائحة ريفي تبحث عن وجوه جديدة يبرز من ضمنها مصطفى عقل، بينما لم يبرز أي إسم بالنسبة إلى لائحة ميقاتي باستثناء خالد الخير، حيث تشير المعلومات إلى أن رئيس الحكومة السابق لم يفتتح مكتبه الإنتخابي فيها حتى الساعة، أما مرشح لائحة "المستقبل" فهو بنسبة كبيرة النائب كاظم الخير.

بالنسبة إلى الضنية (مقعدان)، توضح المصادر أنه ضمن لائحة ميقاتي يبرز اسم محمد الفاضل، بينما لم يحسم الأمر بالنسبة إلى ترشيح النائبين الحاليين ​أحمد فتفت​ وعاصم عبد العزيز (في العام 2009 كان محسوباً على الصفدي) ضمن لائحة "المستقبل"، في وقت يطرح اسم المتموّل عبد العزيز الصمد ضمن لائحة ريفي، لكن هنا تُطرح معضلة النائب السابق ​جهاد الصمد​، الذي يعتبر من المرشحين الأقوياء في الضنيّة، فهو، بحسب ما يُنقل، علاقته مع ميقاتي توصف بأنها أقل من تحالف وأكثر من صداقة، ومن جهة ثانية قد يكون على لائحة كرامي، لكن الأكيد أنه لن يكون على لائحة ريفي أو "المستقبل".

بالعودة إلى طرابلس، تشير المصادر المطلعة إلى أن الأولوية في حجز المقاعد ستكون لتلك المخصصة للطائفة السنيّة، نظراً إلى أن الناخب السني هو الأكبر فيها، وبعد ذلك يأتي توزيع المقاعد الأخرى: العلوي، الأرثوذكسي، الماروني. وترى وجود إحتمالاً كبيراً أن تكسب لائحة من اللوائح الكبرى احد المقاعد الثلاثة، في حين تفشل في الفوز بمقعد سني، بسبب توزيع المقاعد بالإستناد إلى الأصوات التفضيلية التي سينالها كل مرشح.