قد لا يمرّ يوم واحد من دون أن تعلن مجموعة مما بات يعرف بـ"​المجتمع المدني​" ترشحها الى ​الإنتخابات النيابية​ المنتظرة في السادس من أيار المقبل، وقد لا يمرّ يوم من دون أن تعقد واحدة من هذه المجموعات مؤتمراً صحافياً للإعلان عن برنامجها ولإنتقاد كل الأفرقاء السياسيين، أكانوا في السلطة أم خارجها وذلك عبر إتهامهم بالفساد وهدر المال العام وإبرام الصفقات، كل ذلك بهدف شد عصب الناخبين ضد الأحزاب والتيارات السياسية وتجييشهم للتصويت للوائحها التي تنوي الإعلان عنها في عدد كبير من الدوائر الـ15 التي نصّ عليها ​قانون الإنتخاب​.

وسط هذا المشهد، أسئلة كثيرة تطرح عن حسن إدارة العملية الإنتخابية من قبل هذه المجموعات، وهل هي تعمل بطريقة صحيحة تساعدها في تحقيق الخرق التي تريده؟ هل لهذه المجوعات ماكينة انتخابية متماسكة ومندوبون ثابتون ومتجولون يتمكنون من تغطية كل الأقلام؟ وهل تعمل هذه المجموعات على لوائح الشطب لمعرفة ميول كل ناخب على حدة ووجهة تصويته؟.

كل هذه الأسئلة لا يمكن لخبراء الإحصاء وإستطلاعات الرأي إلا أن يتوقفوا عندها لمعرفة قوة كل لائحة ومدى قدرتها على تجيير الأصوات لمرشحيها، وفي هذا السياق يكشف خبير انتخابي أن إستطلاعات الرأي تظهر أن مجموعات "المجتمع المدني" تعتمد بشكل أساسي إنتخابياً على البروباغندا الإعلامية للتواصل مع الناخبين، لا مكاتب انتخابية لها ولا ماكينات تقوم بفرز لوائح الشطب والإتصال بالناخبين، وهي إذا استمرت على عملها هذا، لن تكون قادرة في يوم الإنتخابات على تغطية الأقلام بالعدد المطلوب من المندوبين، لذلك لن تحقق لوائح هذه المجموعات الخروقات التي يتوقعها البعض من قادتها، حتى ولو أن هناك شريحة واسعة من الناخبين ناقمة على مكونات السلطة السياسية". الخبير الانتخابي نفسه يؤكد أن هذه المجموعات يمكنها أن تفوز ببعض المقاعد وفي دوائر محددة، أولاً إذا وحّدت صفوفها، وثانياً إذا تحالفت مع أحزاب ك​الحزب الشيوعي​ و​حركة الشعب​ وغيرها من التيارات والشخصيات التي لها كتل ناخبة وازنة، وثالثاً إذا عملت على تشكيل ماكينة انتخابية منظمّة تبدأ عملها باكراً وتكون قادرة على منافسة الماكينات الحزبية خلال العملية الإنتخابية". حتى إحتمالات الخرق لمصلحة لوائح "المجتمع المدني" يقول الخبير الإنتخابي، "هي واردة في دوائر وغير واردة على الإطلاق في دوائر أخرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر في دائرة ​بيروت​ الأولى يمكن أن تخرق هذه المجموعات لوائح الأحزاب إذا تراخت هذه الأخيرة ولم تجيّش مناصريها للإقتراع كما حصل في ​الإنتخابات البلدية​. في المقابل هناك دوائر لا يمكن للوائح "المجتمع المدني" أن تحقق الخرق فيها ومنها كسروان-الفتوح-جبيل التي يصل الحاصل الإنتخابي فيها الى 14000 صوت وهو رقم من الصعب جداً على هذه المجموعات الحصول عليه بسبب حضورها الخجول في الدائرة وبسبب الجو السياسي المعروف تاريخياً في هذه المنطقة.

إذاً، حتى اللحظة يمكن القول وإنطلاقاً من إستطلاعات الرأي إن المجموعات الشبابية المنضوية تحت إسم ما يعرف بـ"المجتمع المدني" موجودة إنتخابياً في الإعلام فقط، وإذا كانت تريد تثبيت حضورها في الصناديق والمقاعد أيضاً، فعليها أن تجري تعديلات عدة على طريقة عملها.