بعد ساعات على مغادرة وزير ​الخارجية الأميركية​ ​ريكس تيلرسون​ بيروت، سارع أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ إلى الرد على ما قيل أنها مباردة تقدّم بها الزائر الأميركي إلى المسؤولين ال​لبنان​يين، مؤكداً أن حزب الله جاهز ليكون عامل دعم في المفاوضات عبر القوّة التي تمتلكها، وبوصفها الجهة الوحيدة القادرة على الدفاع عن ​الثروة النفطية​ في المياه الإقليمية.

في هذا السياق، كان السيد نصرالله واضحاً بأن المنطقة كلها، من لبنان إلى ​سوريا​ إلى ​العراق​ إلى الخليج، دخلت في قلب معركة النفط والغاز، ليؤكد بأن أزمة البلوك رقم 9 في المياه الإقليمية ليست منفصلة عمّا يجري، في تحديد دقيق لطبيعة الأزمة القائمة منذ خروج وزير الدفاع ال​إسرائيل​ي ​أفيغدور ليبرمان​ مهدّداً، وشدّد على ضرورة التعامل مع المعركة الجديدة على أساس أن واشنطن هي من تتولى إدارتها، والتأكيد على ضرورة التعويل على الوساطة التي تقوم بها.

إنطلاقاً من ذلك، جاءت مقاربة أمين عام "حزب الله" لزيارة كل من تيلرسون ومساعده ​ديفيد ساترفيلد​ إلى لبنان، إلا أن الأهم على هذا الصعيد هو الردّ على ما كان يُقال في بعض الأوساط المحلية أن بيروت لا تملك خيار رفض ما يُعرض عليها من الجانب الأميركي، في ظل التهديدات بعدم السماح لها بالإستفادة من هذه الثروة، وبالتالي هناك مصلحة في الإستفادة من هذه المبادرة.

وفي حين شدد على أهمية الموقف اللبناني الرسمي الموحّد من هذه القضيّة، أكد السيد نصرالله أهمية عدم السماح لـ"الشياطين"، أي الأميركيين، باللعب على وتر شرذمتهم، من خلال الطروحات التي تقدم، خصوصاً أن واشنطن ليست وسيطاً نزيهاً في هذه الأزمة بل وكيل الدفاع عن تل أبيب، ويجب التعامل معها على هذا الأساس.

في هذا الإطار، جاءت مبادرة الردع التي طرحها الأمين العام لـ"حزب الله"، والتي من المؤكد أنها ستكون محل أخذ ورد على المستوى الداخلي في الأيام المقبلة تحت عنوان حصريّة قرار الحرب والسلم وعدم تكليف الحزب من قبل اللبنانيين بالدفاع عن الثروة النفطية، عبر تذكيره بأن الحزب ملتزم، منذ العام 2000، بالدفاع عن كل شبر أرض تقول الدولة أنها لبنانيّة، والإعلان عن أن هذه المعادلة تنطبق على المياه الإقليمية، وهو كان قد ألمح سابقاً إلى امتلاك الحزب أسلحة رادعة.

وفي الوقت الذي كان فيه واضحاً أنّه يريد الحفاظ على الإستقرار المحلي، من خلال وضع الكرة في ملعب ​الحكومة اللبنانية​ والتأكيد أن مسألة ترسيم الحدود من مسؤليّاتها، أراد من خلال خطابه هذا، في ذكرى قادة المقاومة، وضع سلاح الأخيرة ضمن معادلة القوة التي يملكها لبنان، على مستوى الصراع مع تل أبيب، عبر دعوة المسؤولين الرسميين إلى التفاوض من هذا المنطلق، لكن المفارقة هي في وضع الدولة اللبنانيّة في موقع المفاوض عن الحزب، عبر الإشارة إلى أنها تستطيع أن ترد، على التهديدات الأميركية، بالقول أن على تل أبيب وواشنطن القبول بمطالبها كي ترد الحزب عن إسرائيل.

وعلى الرغم من إشارته إلى ما يعتبره الحزب المعادلة الذهبية، أي الجيش والشعب والمقاومة، كان أمين عام "حزب الله" جازماً بأن الحزب هو القوة الوحيدة التي لدى اللبنانيين، لأن الجيش ممنوع، من جانب واشنطن، من إمتلاك الأسلحة اللازمة في هذه المعركة، مشيراً إلى أن "المقاومة جاهزة لتعطيل منصات إستخراج الغاز الإسرائيليّة في البحر خلال ساعات في حال قرر المجلس الأعلى للدفاع ذلك".

في المحصّلة، طرح أمين عام "حزب الله" اليوم معادلة ردع جديدة مع الإسرائيلي، أراد أن يستفيد منها المفاوض اللبناني في ظلّ الضغوط التي تُفرض عليه من جانب الأميركي، لكن الأكيد أنها لن تمرّ مرور الكرام محلياً، والرد عليها سيأتي سريعاً من جانب باقي الأفرقاء.