حتى الساعة لم تنته تداعيات ما حصل مع بعض الشخصيات المنضوية في قوى الرابع عشر من آذار، خلال المهرجان الذي نظمه تيار "المستقبل" في ذكرى إغتيال رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​، إلا أن أبرزها هو تأكيد أغلب أفرقاء هذا الفريق أنه بات من الماضي اليوم، بعد ان قرر الحريري الابن أن صلاحيته انتهت.

هذا الواقع لم يكن وليد اللحظة بل هو نتيجة تراكمات عدة في السنوات الأخيرة، إلا أن ​ذكرى 14 شباط​ هذا العام كانت واضحة في تأكيده، لا سيما في ظل غياب أغلب قيادات هذا الفريق عن الإحتفال.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن رئيس الحكومة كان واضحاً في مواقفه، لناحية نقل المعركة السياسية إلى وجهة جديدة، بعيدة كل البعد عن "​حزب الله​" وقوى الثامن من آذار، حيث الهدف هو مواجهة من ينافسوه من قلب البيت الواحد على الزعامة السنية، "والتخلي عمّن طعنه في الظهر" خلال أزمة الإستقالة الملتبسة من العاصمة ​السعودية​ الرياض.

وتلفت هذه المصادر إلى أن اليوم لم يعد من الممكن توقع عودة عقارب الساعة إلى الوراء، فالحريري يضع كل رهاناته على تحالف مع "​التيار الوطني الحر​" الذي يؤمن له البقاء في ​رئاسة الحكومة​ طوال سنوات عهد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، وهو لم يعد في موقع قيادة المواجهة مع "حزب الله" بل يفضل الإلتزام في ​سياسة​ ربط النزاع معه، نظراً إلى أنه يدرك جيداً أن لا مقومات محلية لأيّ مواجهة سيدفع هو ثمنها الفعلي في حال وقوعها.

من جانبها، توافق مصادر نيابية في قوى الرابع عشر من آذار، عبر "النشرة"، على هذه القراءة، مشيرة إلى أن ​14 آذار​ الذكرى لا تزال قائمة لكن كجسم سياسي موحد لم تعد موجودة منذ أشهر طويلة، لافتة إلى أن كل فريق منها بات في موقع مختلف عن الآخر، لا بل يمكن القول أنه في موقع الخصومة.

وتوضح هذه المصادر أن بعض قوى وشخصيات قوى الرابع عشر من آذار هي اليوم في موقع المنافس لتيار "المستقبل" في أكثر من دائرة إنتخابية، وتذهب أبعد منه في الخطاب السياسي ضد الفريق الآخر، بينما هو، الذي يعتبر صاحب القضيّة، قرّر المهادنة في المرحلة الراهنة.

من وجهة نظر المصادر نفسها، "حزب الله" هو المستفيد الأول من هذا الواقع، حيث لم يعد هناك من فريق وازن قادر على مواجهته، بل على العكس من ذلك المعركة باتت في مكان آخر داخل فريق قوى الرابع عشر من آذار، في حين هو يتحضر، مع حلفائه، للفوز بأغلبية نيابيّة وازنة في ​المجلس النيابي​ المقبل، وتسأل: "هل يأتي ذلك نتيجة إقتناع الحريري بخسارة المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه"؟.

على هذا الصعيد، تلفت المصادر النيابية في قوى الرابع عشر من آذار إلى أن السعودية، التي من المفترض أن تكون هي القائد الفعلي لهذا المحور الإقليمي، لا يبدو أن لديها سياسة واضحة على الساحة اللبنانية، بل هي اليوم، بعد أزمة إستقالة الحريري، باتت في موقع المراقب، الذي ينتظر أن يبني مواقفه على قاعدة ردّات الفعل، مرجّحة أن يكون السبب في ذلك عدم رغبتها بالتعرض لأي إنتكاسة جديدة نتيجة أي خطوات غير محسوبة النتائج.

في المحصلة، تشير هذه المصادر إلى أنها المرة الأولى التي ستخوض هذه القوى ​الإنتخابات النيابية​، منذ العام 2005، من دون خطاب سياسي واضح، الأمر الذي تؤكد أنه سيكون له تداعيات كبيرة.