لفتت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ​عناية عزالدين​، خلال افتتاحها ورشة عمل بعنوان "تعزيز دور النظام القضائي في إطار الاستراتيجية الوطنية ل​مكافحة الفساد​"، الّتي تنظمّها الوزارة بالإشتراك مع وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد و​مجلس القضاء الأعلى​ و​وزارة العدل​، إلى أنّ "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لا يمكن أن تقوم من دون أن يكون للسلطة القضائية وللنظام القضائي بكامل مؤسّساته دور فاعل فيها، فأنتم شركاء أصيلون في هذا المشروع المهمّ الّذي لا بدّ منه لترميم الثقة المهتزّة بين المواطن والدولة، ولتدعيم وطن العيش المشترك الّذي يهدّده الفساد ويعرّضه لشتّى أنواع الأخطار والمحن".

وأشارت إلى أنّ "الورشة فريدة من نوعها لأنّها المرّة الأولى الّتي يتمّ فيها تخصيص لقاء بأكمله على هذا المستوى الرفيع لبحث دور النظام القضائي في مكافحة الفساد، هذا الدور بشقّه الداخلي الّذي يتمثّل بتعزيز استقلالية القضاء ونزاهته وبتعزيز الشفافية والمساءلة في مختلف المؤسسات المرتبطة به. وكذلك بشقّه الخارجي الّذي يتمثّل بإزالة المعوّقات التشريعية والواقعية الّتي تعرقل عمل القضاء في تعقّب الفساد في القطاعين العام والخاص، من خلال القضاء العدلي والقضاء الإداري و​القضاء المالي​".

وركّزت عز الدين، على أنّ "التعقيدات الّتي تواجه عملية مكافحة الفساد يجب ألّا تثنينا عن إبقاء جذوة الوعي مشتعلة، والأهمّ يجب ألّا تثنينا عن تحويل هذا الوعي إلى مسارات عمل ممنهجة"، مؤكّدةً أنّ "العمل الدؤوب المبني على المعرفة لا بدّ أن يؤتي ثماره، وهذا ما نسعى إليه من خلال ورشة عملنا هذه، ومن خلال الإستراتيجية الوطنية الّتي ستصبّ فيها خلاصات ومقترحات هذه الورشة، وذلك في وقت تتحوّل فيه مكافحة الفساد إلى أولوية من الأولويات الملحة، ليس فقط على المستوى الوطني، إنّما أيضاً على المستويين الاقليمي والدولي".

ونوّهت إلى رابط بين "الفساد والفقر وعدم الإستقرار، حتّى أصبح الموضوع جزءاً لا يتجزأ من الحوار العالمي حول مستقبل التنمية، وذلك ما يؤكّده قيام ​الأمم المتحدة​ بوضع أوّل اتفاقية أممية متخصّصة بهذا الملف، اعتمدت في العام 2003 ثمّ دخلت حيّز التنفيذ في العام 2005 وفي 2009 باتت لها آلية لمراجعة تنفيذها".

وشدّدت عز الدين، على أنّ "​لبنان​ دولة طرف في هذه الإتفاقية منذ العام 2009، وقد أنجز المرحلة الأولى من آلية المراجعة، ونستعدّ الآن لإنجاز المرحلة الثانية الّتي تتناول مسائل عدّة من بينها هي دور النظام القضائي في مكافحة الفساد وتحديداً نزاهة القضاء والنايبات العامة وفق ما تنصّ عليه المادة 11 من الإتفاقية، وهذا يتقاطع مع التزامات لبنان في أجندة التنمية العالمية للعام 2030، وتحديداً الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة تحت عنوان السلام والعدل والمؤسسات القوية، والّذي يسلّط الضوء على مكافحة الفساد ودور القضاء في هذا المجال".

وركّزت على أنّ "واقع الفساد في لبنان لم يعد يسمح بالتأخير او الانتظار"، مشيرةً إلى أنّ "أي نظرة الى المؤشرات الدولية تؤكّد ضرورة المبادرة السريعة لتصحيح المسار"، منبّهةً إلى أنّ "تصنيف لبنان حسب هذه المؤشرات ليس إيجابيّاً. صحيح انّنا سجّلنا منذ أيام تقدّماً طفيفاً على مؤشر حكم القانون الصادر عن "World Justice Project"، ونأمل أن يتحسّن تصنيفنا على مؤشّر مدركات الفساد الصادر عن "Transparency International" والّذي سيتمّ الإعلان عن مضمونه بعد يومين، ولكن هذا التقدّم رغم أهميّته لا يرضي تطلّعاتنا ولا يتناسب مع طموحات اللبنانيين".

وأكّدت عز الدين، أنّ "بوصلتنا الحقيقية تبقى المواطن اللبناني، فالمواطنون أو أغلبهم، متشائمون ورأيهم سلبي، عن حقّ أو عن غير حقّ، تجاه المؤسسات العامة كافّة في لبنان بما فيها المؤسسات القضائية".