انشغلت المنظمات الدولية والجهات المانحة ب​ملف النازحين السوريين​ الى ​لبنان​ منذ العام 2012 حتى اليوم، ومن ضمن ما قامت به هذه المنظمات هو دعم تعليم الأطفال النازحين في المدارس اللبنانية، وتحديدا في ​المدارس الرسمية​ بدوامات بعد الظهر وببرنامج دراسي خاص بهؤلاء الأطفال.

الى جانب الأساتذة ألزمت المنظمات الدولية ​وزارة التربية​ والتعليم اللبنانية بتطبيق برنامج الإرشاد والتوجيه، بحيث يكون في كل مدرسة رسمية تعلم النازحين بعد الظهر 4 موظفين مرشدين معنيين بالتربية والصحة. وكان هدف المشروع يتمحور حول نتيجتين، الأولى توجيه ​الطلاب​ تربويا وتثقيفهم على رفض العنف ومعالجة ما عاشوه في بلادهم من تجارب سيئة، والثانية صحيا بحيث يكون لكل طالب ملف صحي تتم متابعته من قبل الأطباء.

يعمل في هذا البرنامج حوالي ألف لبناني من المختصين وحملة الدراسات العليا في "العلوم الإجتماعية" و"علم النفس"، يقومون بتوقيع عقود سنوية أي لعام دراسي واحد بحيث ينتفعون من راتب الساعة المحدد بـ10 دولارات فقط ولا يكون لهم الحق بالمطالبة ببدلات نقل أو تأمينات صحية أو ضمان اجتماعي.

... وحتى بداية الأسبوع الفائت كان كل شيءٍ منتظمًا، الى أن تلقى مدراء المدارس الرسمية المعنيّة بهذا البرنامج نهار الخميس الماضي بريدا الكترونيا من أحد موظفي وزارة التربية جاء فيه: "للتفضل بأخذ العلم أنه سيتم توقيف كافة الموجّهين التربويين والمرشدين الصحيين عن عملهم في المدارس الرسميّة المعتمدة لتدريس التلامذة غير اللبنانيين دوام بعد الظهر، ابتداء من يوم الاثنين في 19 شباط 2018 وذلك بسبب عدم توفر التمويل الكافي لاستمرارهم في العمل حتى نهاية السنة الدراسية الجارية، علما أن المستحقات المتوجبة لهم عن الفترة السابقة ستسدد بالكامل. وبناء عليه، للتفضل بإبلاغ مدراء المدارس ضرورة توقيف المعنيين عن عملهم على أن يتحمل مسؤولية الاستمرار بالعمل بعد المهلة المحددة اعلاه، كل من ادارة المدرسة والموجه التربوي والمرشد الصحي بنفسه".

ينتقد حسين نايف الطريقة التي تمت بها معاملة المرشدين وهو أحدهم، مشيرا الى أن التضحيات التي قدموها على مرّ السنوات السابقة تستأهل طريقة أفضل في التخاطب وفي فسخ العقود. ويضيف نايف في حديث لـ"​النشرة​": "بعد هذا البريد تواصلنا مع المعنيين عن ملفنا في الوزارة وسألنا عن الأسباب الحقيقيّة خلف هذا التوجه، مع الاشارة الى أننا لم نعترض على فسخ عقودنا بقدر ما اعترضنا على كيفية التخاطب معنا، ونحن أساتذة لبنانيون نعمل مع الدولة منذ سنوات ولم نطالب يوما بما هو ليس من حقنا".

اعتصم المرشدون والموجهون أمام وزارة التربية لمحاولة فهم ما يجري، فكانت المفاجأة ما سمعه وفد منهم التقى مدير عام وزارة التربية ​فادي يرق​، اذ علمت "النشرة" أنه أبلغهم بان توظيفهم جاء بنتيجة توقيع وزير التربية السابق الياس أبو صعب، وبالتالي فإن انتهاء عملهم لا يمكن ان يكون الا بتوقيع مماثل من وزير التربية ​مروان حمادة​، الأمر الذي أثار الشكوك في نفوس "المطرودين" الذي يتخوفون من وجود حسابات شخصيّة أو سياسيّة أطاحت بهم.

بعد أن انتفض الموجّهون والمرشدون ضدّ قرار بتأجيل فسخ عقودهم حتى نهاية شهر شباط الجاري، وبعد لقائهم يرق الذي وعدهم بمتابعة الموضوع حتى النهاية، لم يعرفوا ما اذا كانوا سيتوقفون عن العمل نهاية شباط أم سيستمرون حتى انتهاء عقودهم، الا أن الطامة الكبرى ستكون بحال "شحّ" تمويل برامج تعليم السوريين ما سيعني تحميل وزارة التربية هموما لا طاقة لها على حملها.