تضغط جهات دبلوماسية فاعلة لتطيير الانتخابات النيابية في ايار 2018، ولهذه الغاية مررت اكثر من رسالة تهديد لقوى اساسية في البلد لحثها على المطالبة بتاجيل الانتخابات او عرقلتها تحت ذريعة وجود مغالطات في ​القانون الانتخابي​... منطقيا، كل هذه المطالب الغربية تبدو مستحيلة الاستجابة ولكن التجربة اللبنانية وفقا لمصادر سياسية بارزة اثبتت اكثر من مرة ان كل شيء وارد ولا يمكن البت في اي ملف الا في وقته، مع العلم ان فكرة تاجيل الانتخابات ستة او سبعة اشهر ما زالت واردة حتى يتزامن تاريخ انتهاء ولاية المجلس الجديد مع انتهاء ولاية ​الرئيس ميشال عون​.

اما تبرير الضغط الغربي لعرقلة الانتخابات فكان طبعا «​حزب الله​»، حيث اسهبت الجهات الدبلوماسية البارزة في شرح الاسباب الموجبة لمطالبها:

اولا: ان رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ يملك تعهدا ضمنيا من حزب الله بالبقاء رئيسا لحكومة ما بعد الانتخابات مهما كانت كتلته، اي ان الحزب باع الحريري الحكومة التي سيملك فيها بالتعاون مع حليفه رئيس ​حركة امل​ ​نبيه بري​ وزارات سيادية مقابل ضمان رئاسة الجمهورية و​المجلس النيابي​ له، وكلامنا هذا لا يأتي من فراغ فكل التقارير الميدانية والسياسية الواردة الينا تؤكد اكتساح الحزب مع حلفائه في الانتخابات المقبلة المجلس بكتلة نيابية وازنة ما سيخوله الضغط لانتخاب بري مجددا رئيسا للمجلس والوزير السابق ​سليمان فرنجية​ رئيسا للجمهورية.

ثانيا: ان وصول الثنائي الشيعي الى المجلس النيابي بالتفاف شعبي كامل وحصة سياسية تخوله الحل والربط في الملف اللبناني يعني تحكمه تحكما كاملا بالملف النفطي وتهربه بلا اي دعم داخلي من اية عقوبات اقتصادية او سياسية عليه ، ولا ننسى هنا ان تاييده غير المعلن للحريري يعني ان بعض الشارع السني للاخير مع حلفاء الحزب باتوا يشكلون ضمانة له للتحرك سياسيا وعسكريا واقتصاديا تحت سقف وطني جامع.

ونقلت المصادر السياسية عن تلك الجهات تاكيدها بان خطاب الردع الاخير للامين العام للحزب ​السيد حسن نصرالله​ لا سيما في شقه المتعلق بالتعاون مع الدولة اللبنانية او بالاحرى وضع قدراته العسكرية تحت تصرفها افرغ كل الحملات ضد الحزب من مضمونها، ونسف سنيناً من الجهود والاموال والتعبئة لتأليب الرآي العام والمجتمع الدولي والداخلي ضده ، ونحن نعترف هنا بأن نصرالله تصرف بذكاء شديد وضرب ضربة معلم ، وبتنا نخاف صراحة من استمراره على هذا النهج من التعاطي مع الدولة اللبنانية بما يعنيه ذلك من زيادة الالتفاف الوطني الشعبي والسياسي حول حزب الله .

واكملت الجهات الدبلوماسية في شرح موقفها الى حد القول بان اصرارنا على التاجيل ليس فقط خوفا من استيلاء حزب الله على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها بطريقة شرعية ، في حين ان تعاظم نفوذه وسلطته يعني تحوله في السنوات المقبلة الى حرس ثوري اخر في لبنان والى قوة عسكرية في المنطقة باكتفاء ذاتي دون الحاجة الى ايران او غيرها.

وبصريح العبارة، اكدت الجهات الدبلوماسية بان الدول الغربية وفي مقدمها ​الولايات المتحدة الاميركية​ تجد نفسها مكبلة ولا قدرة لها على التعامل مع حزب الله او تطويعه لا من خلال الضغط الاقليمي والدولي ولا حتى من خلال ​اسرائيل​ او استعمال الشارع اللبناني لاحداث فتنة «سنية- شيعية» تحديدا، مشيرة الى ان اطرافا اساسية في ​الكونغرس الاميركي​ ومقربين من الرئيس ​دونالد ترامب​ نصحوه بالتعامل مع الحزب مثلما تعاملت ادارة الرئيس السابق ​باراك اوباما​ مع ايران حين وقعت معها ​الاتفاق النووي​، وعلى حد تعبيرها فان مهادنة قوة اقليمية كحزب الله تبقى افضل بكثير من استفزازها.