بعد إنتهاء الحرب ال​لبنان​ية دخل الفساد جسد مؤسسات وإدارات الدولة شيئا فشيئا حتى بات يسيطر اليوم على غالبية مفاصل لبنان، وأمست الحلول شبه مستحيلة من خلال العلاجات الطبيعية وأصبح لا بد من التدخل الجراحي لمعالجة هذه الأزمة.

يشبه لبنان الحالي بولندا في بداية العام 1990 يوم كان الفساد ينخر إداراتها وأجهزتها، ومع مرور الوقت تطوّرت في قطاعاتها وانشأت جهازاً له خبرة كبيرة في عملية ​مكافحة الفساد​، فنجح عمله كثيراً بالتخفيف من هذه الآفة على مستوى إدارات الدولة البولندية التّي تدرّجت تصاعديًّا بالمكافحة بدِءًا المركز 61 الى المركز 29 خلال عشر سنوات.

وفي هذا الإطار تسعى بولندا لنقل خبرتها في هذا الاطار الى لبنان، هذا ما يكشفه مستشار وزير الفساد البولندي جاكوب لوازينكسي عبر "​النشرة​"، لافتاً الى أن "عمل الجهاز جدّي وساهم في إنهاء المافيا في البلاد وعمله يمكن أن يطال حتى مسؤولين أو وزراء في الحكومة البولندية"، مضيفاً: "مهمة الجهاز البحث عن الفساد في كل قطاعات الدولة وصلاحياته كبيرة وتسمح له بإعتراض حالات الفساد والتدخل الفوري والتنسيق مع الأجهزة الأمنية وإحالة المتورطين على القضاء حتى أنه يتمتّع بصلاحية توقيف المرتكبين والتنصت عليهم والتحقيق معهم".

"الخبرات البولندية في مكافحة الفساد يمكن أن تكون مفيدة جداً للبنان خاصةً وأنها نابعة من تجارب مماثلة للوضع اللبناني". هذا ما يؤكده لوازينكسي، لافتا الى أننا "نريد تقديم المساعدة اللازمة للبنان وقد عرضنا إرسال خبراء متخصصين في دراسة وإقتراح التشريعات والمساعدة في تطبيق الآليات المقترحة"، مشيرا في نفس الوقت الى أننا "سنأخذ أشخاصاً الى بولندا للتمرين حول مكافحة الفساد ولنساعد اللبنانيين على تطوير أنفسهم على كيفية مواجهة هذه الآفة". بدوره مستشار وزيرالدولة لشؤون مكافحة الفساد ​وديع عقل​ يشير الى أن "التجربة البولندية في مكافحة الفساد هامة ويجب الاستفادة منها"، مؤكدا أننا "بحاجة الى تشريعات جديدة لتعديل بعض القوانين الموجودة، خاصةً أن العديد من التعديلات المقترحة أصبحت قديمة العهد ولا تجاري التطوّر في المكافحة".

يلفت عقل الى "وجود مشروع قانون موجود في ​مجلس النواب​ يحمل اسم "الهيئة العليا لمكافحة الفساد" وهو موجود في أدراج ​لجنة المال والموازنة​ منذ سنوات ويمكن الإستفادة من التجربة البولندية لإدخال التعديلات عليه، كذلك يمكن الاستفادة من تلك التجربة لادخال التعديلات على قوانين تخص ​التفتيش المركزي​ خاصة وأن إجراء التعديلات يتم حاليا ب​لجنة الادارة والعدل​". مضيفاً: "هناك وفد لبناني سيزور بولندا، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيه ورئيس ​الهيئة العليا للتأديب​ مروان عبود وغيرهم للاطلاع منهم على التشريعات لديهم والتداول فيها ونقل التجربة الى لبنان".

إذاً التعاون البولندي اللبناني في مجال مكافحة الفساد قد بدأ رسمياً، فهل ينجح اللبنانيون من الإستفادة من تلك الخبرات وينجحون في التخفيف من هذه الآفة؟!.