لا يخلو نقاش سياسي في صالونات "المستقبل" من البحث عن جواب حول امكانية اعادة التحالف بين التيار "الأزرق" و"القوات" أو قوى أخرى، بعد زيارة رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ المرتقبة الى ​السعودية​. زاد من وتيرة النقاش مضمون الكلام الذي أدلى به الموفد السعودي ​نزار العلولا​ في معراب. ثقة الرياض برئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ تبدو متينة جدا"، وتترسخ يوما" بعد يوم. هو حليفها الأول حاليا الذي راهنت على دوره السياسي. ماذا لو كان طلب منها "الحكيم" فرض التحالف الانتخابي بين "المستقبل" و"القوات"؟ بالتأكيد، ستلبّي المملكة الطلب القواتي. لا يزال "الشيخ سعد" أيضا حريصا على حسن علاقته بالرياض. هو لا يستطيع الخروج من عباءتها نهائيا. رغم كل ما جرى معه، لم يدر الحريري ظهره للمملكة. النقاش نفسه دار بين خصوم جعجع منذ الاعلان عن زيارة العلولا الى ​لبنان​، بالاستناد الى عدم بت "المستقبل" تحالفاته ومرشحيه حتى الساعة. لا يزال الفريق "الأزرق" يجري دراسات بالأرقام، ويستطلع الآراء الانتخابية، ويواصل مفاوضاته مع التيار البرتقالي. لكنه يؤجّل اعلان لوائحه لسببين أساسيين: معرفة التوجهات السعوديّة العامة لعدم تحدّي الرياض وحصر الطموحات النيابية المتزايدة داخل بيته.

لكن، هل تبقي الرياض دعمها التقليدي للحريري وحده في الساحة السنية اللبنانية؟ الدعم السياسي السعودي الذي تلقاه معراب لا يفسد منطق الحصريّة. لكن الأمر يختلف في حال قرّرت المملكة دعم سياسيين آخرين على الساحة السنيّة. عندها، لا يتوجب على الحريري الالتزام بالتمنيّات السعوديّة. الحراك الانتخابي الذي تشهده دوائر: بيروت الثانية والشمال على الأقل، يوحي بأنّ السعوديّة قرّرت رفع حصرية الدعم الذي كان يلقاه الحريري وحده، ما يعزز من فرص التحرّر "المستقبلي" من التحالفات التقليديّة الداخليّة وتمتين الودّ المتبادل بين التيّارين الازرق والبرتقالي.

فلنفترض أن الرياض طلبت التحالف بين الحريري وجعجع مجددا في ​الانتخابات​ المقبلة. سيثمر الحلف في البقاعين الشمالي والأوسط، بحسب معظم استطلاعات الرأي: نائب قواتي ونائب مستقبلي في بعلبك–الهرمل، في زحلة، نائبان للمستقبل ونائبان للقوات بالحد الأقصى، في البقاع الغربي–راشيا، نائبان للمستقبل ولا حصّة للقوات. المحصّلة: لن تتغير نتائج "المستقبل" من دون التحالف مع معراب. أي لا حاجة للحريري بقاعيا لجعجع.

في الشمال، لن يفيد "الحكيم" التيار الأزرق في طرابلس وعكّار، بينما تحتاج "القوات" أصوات "المستقبل" في الكورة–زغرتا–البترون–بشري. أي أن الحاجة قواتيّة لا مستقبليّة في دوائر الشمال.

في الجبل، لا حاجة للحريري أيضا لأصوات "القوات"، بينما يحتاج "الحكيم" دعم "المستقبل" في الشّوف، وكذلك يتكرر المشهد في بيروت و صيدا–جزين.

هناك مصلحة قواتيّة بالتحالف مع الحريري، تنطبق المعادلة نفسها أيضا على الحلف بين "المستقبل" و"الوطني الحر". رغم وجود حاجة نسبيّة ضئيلة عند مرشحي الحريري للدعم البرتقالي في دائرتي طرابلس وبيروت الثانية.

لا تزال القوى تترقب مسار التحالفات الانتخابيّة، وعلى هذا الاساس الكل يخشى من المفاجآت التي أعدّ لها العدة بمزيد من الترشيحات الاحتياطيّة، خشية الانقلاب على اللوائح في اللحظات الاخيرة قبل انتهاء موعد تسجيلها، خصوصا أن هناك نسبة محددة من الاسماء تتيح تأليف اللوائح. قد تختلط اوراق التحالفات في اللحظة الأخيرة نتيجة مصالح انتخابية، وحسابات سياسية، وتمنيات خارجية. فلننتظر ما بعد زيارة "الشيخ سعد" الى السعودية.