يحتل ​لبنان​ المرتبة الأولى بين ​الدول العربية​ من حيث نسبة مرض ​السرطان​، حيث أظهرت دراسة إحصائية لعام 2012 وجود 9059 حالة سرطان جديدة و20723 حالة قيد المتابعة والعلاج، مع العلم أن هذا العدد يرتفع كل عام بسبب ​تلوث الهواء​ والماء، ​النفايات​ المنتشرة في كل مكان بطرق عشوائية... والتخمير المضرّ لبعض أنواع ​الفواكه​.

اشتهرت مخامر الموز في لبنان نظرا لتعرضها المستمر للتفجير، في صيدا في كانون الثاني 2013 و​سن الفيل​ في نفس العام، ويعود سبب انفجارها لاستخدام أصحابها مادة "الكربير" في تخمير الموز. ولكن لا تقتصر مخاطر هذه المادة على كونها قابلة للاشتعال، بل إن خطرها الرئيسي يكمن في كونها واحدة من أسباب مرض السرطان.

يستخدم غازي الأسيتلين والإيتيلين في عمليّة إنضاج الثمار، فالأمر لا يقتصر على "الموز"، بل تتم العملية نفسها على "المانغا" و"الخرما" و"الأفوكا" و"البندورة" بحسب أحد أصحاب مخامر الموز الذي تمنّى عدم ذكر اسمه، مشيرا الى أن غاز الأسيتيلين هو الأكثر شيوعا في "مخامرنا"، اذ يكفي لتحضيره أن نضيف الماء إلى "كربيد الكالسيوم" أو ما يعرف بـ"الكربير" للحصول عليه.

ويضيف، "لا يمكن أن نستورد ​الفاكهة​ ناضجة من الخارج لان الوقت الذي تحتاجه للوصول الى لبنان من بلد المصدر سيكون كفيلا بإنهاء عمرها، لذلك تصل الينا غير ناضجة ونحن نقوم بإنضاجها داخل المخامر، عبر طرق عديدة أبرزها استخدام مادة "الكربير" الكفيلة بعمليّة إنضاج الفاكهة خلال يومين فقط"، مشيرا الى أن من الطرق المستعملة في هذا العمل أيضا "الكمر"، وهي تجري على نطاق ضيّق ولكميات صغيرة من الفواكه، و"الكمر" هو تغطية المنتوجات في صناديق من قش لعدة أيام لإنضاجها من غازاتها الخاصة.

خطورة الكربير

لا يُدرك صاحب المخمر المخاطر الكبيرة المترتّبة على استعمال هذه المادة، "فالدولة لم تمنعها ونحن نعلم أنها قابلة للاشتعال، ومضرة قليلا ولكن لا ندرك انها مسببة للسرطان"، يقول الرجل.

وللتوضيح أكثر تعتبر مادة "الكربير" بحسب الدكتور كمال برجاوي خطرة للغاية إذا ما وجدت على المنتوجات الغذائية، لأنها تحتوي على آثار من "الزرنيخ" و"الفوسفور" وهما يشكّلان خطرًا على الصحة، كذلك إنّ "تشبّع" الثمار بمادة "الكربير" لمدة يومين سيؤدي بحسب الطبيب عند لمسها أو أكلها الى دخول المادة الى جسم الإنسان مع احتمال تحولّها لخلايا سرطانيّة مع الوقت والمتغيّرات، مشددا على أن "تقشير" الموزة مثلا لا يلغي خطر التعرّض لهذه المادّة التي تلتصق بجلد اليدين. هذا ما نصّت عليه أيضا دراسات "الوكالة الدولية للأبحاث عن مرض السرطان" في بحثٍ عن هذه المادة من 149 صفحة ووضعتها ضمن المواد المسبّبة للسرطان ومنعت استخدامها في صناعة الغذاء، كذلك قامت ​الهند​ وهي أبرز الدول المصدّرة للموز بمنع استخدام "الكربير" بسبب خطورته الكبيرة على الصحة.

يبقى أن نستصرخ ضمائر المسؤولين اللبنانيين لا سيّما القيّمين على وزارت ​الزراعة​ و​الاقتصاد​ والصحة، لمعالجة الخلل الّذي كان موجودًا في السابق وأصبح قاعدة، تؤدّي الى إذية اللبنانيين وتكبيد ​وزارة الصحة​ خسارة ماديّة كبيرة جرّاء عدم وجود تثقيف للمزارع وللمخامر، والّذي يدفع المواطن اللبناني من صحّته جرّاء الاهمال المتواصل. ولنحصّن جيلنا بدون أكل الموز، البندورة، وغيرها من الفواكه الّتي تحتاج الى تخمير.