ماذا اضافت او ستضيف زيارة الموفد السعودي للبنان على الساحة السياسية بصورة عامة وعلى اجواء الاصطفافات الانتخابية بصورة خاصة؟

حتى الآن لم تتكشف كل اجواء ما تريده ​السعودية​ في تحركها الجديد باتجاه لبنان، لكن المعلومات المتوافرة لـ «الديار» من مصادر مطلعة تفيد بأن القيادة السعودية قسمت تحركها الى محورين: الاول باتجاه لبنان الرسمي لإعادة تحسين العلاقة معه قدر الإمكان بعد التردي الذي اصابها خلال الاخيرة. والثانية باتجاه اعادة الرئىس الحريري الى بيت الطاعة» وفق شروط ملكيه سمعها خلال زيارته من ولي العهد محمد بن سلمان.

وحسب المعلومات القليلة التي رشحت حتى الآن عن هذه الزيارة فإن القيادة السعودية وضعت ما يشبه النقاط الاساسية المحددة لتحسين العلاقة مع رئىس الحكومة، وابدت في الوقت نفسه رغبتها في اعادة تكوين هذه العلاقة الخصوصية وفقا للشروط التي طرحتها.

اما الشروط فهي:

1- عدم التحالف او التعاون مع ​حزب الله​ في الانتخابات النيابية. وهذا الشرط بادر الحريري الى تطبيقه قبل دعوته لزيارة الرياض وبالتالي كان سببا مهما ساهم بالدفع في اتجاه توجيه الدعوة.

2- تضييق مساحة التعاون او التحالف الانتخابي مع ​التيار الوطني الحر​ ليقتصر على دائرتين او ثلاث. والمعلوم ان الطرفين كانا اتفقا مبدئىا في وقت سابق على التحالف في كل لبنان.

3- اعادة تحسين العلاقة مع اطراف ​14 آذار​ ولملمة صف هذا الفريق.

وتقول المعلومات في هذا المجال ان السعودية تبدي اهتماما خاصا في اعادة تحسين العلاقة بين الحريري ورئىس حزب ​القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ الذي تخصه بتقدير عال. لكنها في الوقت نفسه لا تريد، كما ردد البعض، ان يكون فريق 14 آذار بقيادة جعجع وتفضل ان تبقى القيادة للحريري.

4- الطلب من الحريري التصدي بقوة وبمواقف متشددة لحزب الله كما فعل ويفعل باقي اطراف او حلفاء السعودية في لبنان. مع الاشارة الى ان رئىس الحكومة ومن موقعه السياسي والمسؤول لا يستطيع ان يتخذ مواقف متطرفة كما يفعل جعجع او ​سامي الجميل​.

5- قطع الطريق امام محاولات سيطرة فريق المقاومة والممانعة على القرار في لبنان، وبالتالي التصدي لما تسميه السعودية النفوذ الايراني في لبنان.

6- الابقاء على العلاقة الايجابية مع الرئىس عون مع فصل هذه العلاقة عن العلاقة مع التيار الوطني الحر حيث يجب ان تكون العلاقة وفق اطر محددة لا تتجاوز المواقف السياسية الاستراتيجية التي ترغبها السعودية.

7- التعامل مع الاستحقاق الانتخابي على اساس العمل على عدم سيطرة حزب الله على الاغلبية النيابية في المجلس المقبل.

ووفقا لاستعراض هذه الشروط فإن الحريري نفذ او طبق قسما كبيرا منها قبل التحرك السعودي باتجاه لبنان، فبعد ان اعلن عدم تحالفه او تعاونه مع حزب الله بادر في الفترة الاخيرة الى فرملة تحالفه مع التيار الوطني الحر وتضييق مساحته الى دائرتين او ثلاث هي: زحلة، والبقاع الغربي، وعكار، بالاضافة الى بيروت الاولى التي ل​تيار المستقبل​ نفوذ محدود فيها من خلال ثلاثة او اربعة الاف ناخب سنّي ينتظر ان يقترعوا في الانتخابات.

والى جانب ما رشح من معلومات عن زيارة الحريري للسعودية فإن مصدرا بارزا في فريق ​8 آذار​ قال «للديار» ان الهدف الاساسي منه هو اعادة احياء او تجميع صفوف 14 آذار التي تشتت منذ فترة غير قصيرة وزادت تشتتا في ازمة استقالة الحريري.

واضاف ان القيادة السعودية تريد اذا لم تتمكن من اعادة احياء هذا الفريق، ان تخفف من اثار الانقسامات بين اطرافه وتعمل الى تقليل الموانع وتوسيع التقاطعات والتوافقات بين اطراف 14 آذار لا سيما بين الحريري وجعجع.

وبرأي المصدر ان القيادة السعودية بادرت الى التحرك باتجاه لبنان مجددا بعد ان فشلت سيناريوهاتها منذ الازمة الاخيرة. وهي مقتنعة اليوم بالرهان على الرئىس الحريري وتياره لكن وفق شروط محددة تخدم سياستها وتطلعاتها في لبنان.

ويضيف المصدر ان محمد بن سلمان اخذ قراره الاخير بعد ان مني بسلسلة من الهزائم والفشل منذ ان حاول القيام بانقلاب في لبنان من خلال استبدال سعد بشقيقه بهاء.

كذلك حاول ايضا توكيل القيادة السنيّة الى فريق عمل مؤلف من عدة اشخاص لكنه مني ايضا بالفشل بسبب الموقف اللبناني الصلب الذي شكل رصيدا اضافيا للحريري، وبسبب التعاطف الشعبي مع رئىس الحكومة خلال وبعد الازمة.

والسؤال الاهم هل ستفتح السعودية «كيسها» مجددا للحريري من اجل تمويل معركته الانتخابية؟

المعطيات المتوافرة حتى الان تفيد بأن القيادة السعودية تنتظر منه مزيدا من الاشارات والخطوات الايجابية قبل ان تتخذ موقفها في هذا الشأن، مع العلم انها ما زالت تفتح كيسها لاطراف اخرى في 14 آذار.

على صعيد اخر ينتظر ان يكون الاسبوع المقبل اسبوعا مهما على صعيد رسم التحالفات التي تأخرت قليلا بسبب التطورات والمتغيرات الاخيرة التي حصلت على الساحة أكان على المستوى الداخلي او على صعيد تداعيات ونتائج زيارة الموفد السعودي للبنان.

ويبدو ان هذه الزيارة ساهمت في تأخير حسم مسار التحالفات لا سيما بين المستقبل والتيار الوطني الحر او المستقبل والقوات اللبنانية، او التيار الوطني الحر وحزب الله.

ويقول مصدر مطلع في حزب الله لـ «الديار» ان الثابت عندنا حتى الآن هو تحالفنا الكامل مع حركة «امل» في كل لبنان، وكذلك ايضا تحالفنا مع قوى واطراف 8 آذار. ولن نتخلى ابدا عن التحالف مع هذه القوى المنضوية في الفريق المذكور. اما بالنسبة للوائح فما يزال هناك وقت لتشكيلها مع العلم اننا في عدد من الدوائر حسمنا معظم اعضاء هذه اللوائح، وبقي حسم لوائح في بضعة دوائر.

وعن التعاون او التحالف مع التيار الوطني الحر قال المصدر «ان هذا الموضوع لا يزال موضع بحث، وهو يجري تبعا لكل دائرة من الدوائر»، واضاف: لقد اكتشفت كل القوى انه في ​قانون الانتخابات​ الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي فان التحالفات الانتخابية احيانا لا تفيد بل تأتي بنتائج سلبية. فمثلا في دائرة صيدا ـ جزين كان التيار الوطني الحر والمستقبل قررا خوض الانتخابات سويا لكنهما تراجعا عن ذلك بعد ان وجدا ان مثل هذا التحالف لن يؤدي الى النتائج الايجابية المطلوبة.

وردا على سؤال حول التخويف من حزب الله والقول انه سيسيطر على مجلس النواب القادم قال المصدر في الحزب «ان هذه النغمة التي نسمعها ونقرأها تنطوي على أضاليل وهي عبارة عن افتراءات وأكاذيب، فقانون الانتخابات الحالي لم ينتجه حزب الله وحده بل ان كل القوى شاركت في انتاجه، ولكل طرف بصمته على القانون. مع العلم ايضا ان حزب الله وحركة «امل» لم يكونا مع تقسيم لبنان الى 15 دائرة ولا مع الصوت التفضيلي على اساس القضاء. فقد ادخلت الى الصيغة تعديلات تراعي مطالب تيار المستقبل وكذلك الخصوصية المسيحية الى حدّ كبير. ولذلك جرى اعتماد الـ15 دائرة التي تقارب تعزيز انتخاب المسيحيين لنوابهم في عدد من الدوائر.

واضاف المصدر: حتما سيكون هناك تغييرات في التوازنات داخل ​المجلس النيابي​ الجديد، ولكن ليس بصوة دراماتيكية، وان اي نتيجة ستخرج بها الانتخابات من المستحيل ان يمسك طرف واحد من خلالها زمام الامور في المجلس. وباعتقادنا انه سيكون هناك توسع في تشكل الكتل المتوسطة.

وبدوره قال مصدر نيابي في التيار الوطني الحر ان البحث على قدم وساق مع حزب الله وغيره من اجل حسم التحالفات في عدد من الدوائر، مشيرا الى ان هذا الامر ينطبق على دائرة ​بعبدا​ وغيرها.

واضاف ان هناك مشاورات مماثلة ايضا مع تيار المستقبل وهي لم تنقطع اصلا، مشيرا الى ان التيار الوطني الحر يفضل اعلان كل مرشحيه مع اعلان لوائحه واكتمال تحالفاته.