انتهى شباط، وانتهت معه أحلام منتظري قانون العفو الشامل الذي ينتظره "المستفيدين" وأهاليهم بفارغ الصبر، وخابت وعود بعض السياسيين الذين تفاخروا بـ"سعيهم" لإنجاح هذا المشروع قبل الانتخابات النيابية، فكلام رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ منذ ساعات كان حاسما، فالرئيس لن يوقع أي قانون عفو عام يستفيد منه قتلة العسكريين.

عادت تحركات اهالي موقوفي أحداث عبرا، واهالي الموقوفين الاسلاميين في الشارع بعد غياب استمر طيلة "صلاحيّة" الوعد الذي قدمه رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​، وبمجرد انتهاء شهر شباط وتزامنه مع حديث الرئيس عون، نفّذ الاهالي اعتصامات في الشمال وقطعوا الطريق أمام سراي طرابلس، وعبروا عن سخطهم من عدم صدور قانون العفو، فما هي الأجواء التي تحيط هذا المشروع؟.

لن يتحمل رئيس الحكومة التبعات الانتخابية لاستثناء عدد من الموقوفين الاسلاميين من قانون العفو، وبالتالي لن يقبل التوقيع على أي مشروع قانون فيه هذا النوع من الاستثناء، ولكن كما يطالب الحريري بـ"إقفال" ملف الموقوفين الاسلاميين، يطالب غيره بملفات أخرى، فالفريق الشيعي يسعى لإنهاء مشكلة المطلوبين في البقاع، والفريق المسيحي يهدف لحل قضايا ال​لبنان​يين في ​إسرائيل​، وهذا الأمر أوجد بحسب مصادر مطّلعة على الملف ثلاث معضلات تعيق الوصول الى مشروع قانون عفو كامل وشامل.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "بداية لا بد أن نقول أن المشكلة الأولى في هذا الملف هي كثرة حديث بعض الأطراف عن قانون العفو ما جعل الناس موعودة به، مع العلم أنه منذ البداية لم يكن واضحا تاريخ صدور هذا القانون، الذي لن يبصر النور قبل الانتخابات النيابية المقبلة"، مشيرة الى أن رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ كان واضحا في هذا السياق عندما قال أن قانون العفو سيصدر ولكن ليس قبل الانتخابات في 6 أيار.

واذ تؤكد المصادر أنه رغم الكلام الجدي حول قانون العفو الا أنه لا يوجد حتى اللحظة أي اقتراح واضح او مشروع قانون جاهز، كاشفة أن "الموجود لا يعدو كونه مسوّدة "شفهية". اما بالنسبة للمعضلات الثلاث التي سبق وأشرنا إليها فتكشف المصادر أن المعضلة الأولى هي في موضوع المخدّرات، مع وجود رأي يريد استثناء الإتجار والتصنيع، ورأي آخر للثنائي الشيعي يقول أن أكثر الأحكام والملاحقات تتم بالترويج والإتجار دون الفصل بينهما، وبالتالي هناك صغار المروّجين اذا حرموا من العفو سيكونوا كأنهم من كبار التجّار، وهذا ليس عادلا، لذلك هناك بحث عن كيفية منع كبار التجّار من الاستفادة من العفو دون المسّ ببعض المروّجين الذين غُرّر بهم وأخطأوا ويجب ان يسامحوا.

وتضيف المصادر: "اما المعضلة الثانية فهي في موضوع الارهاب، فتيار المستقبل يريد أن يشمل العفو أكبر عدد ممكن من الارهابيين (الاسلاميين)، لذلك يدور البحث عن ماهيّة الاستثناء، والعمل الاّ يشمل العفو من تلطّخت يداه بدماء المدنيين والعسكريين"، اما المعضلة الثالثة والاخيرة فهي في ملف "اللبنانيين الموجودين في اسرائيل"، اذ يريد الفريق المسيحي العفو عن جميع من تعاملوا وذهبوا الى اسرائيل للسكن فيها، بينما يقول الفريق المعترض أن "من دخل الى اسرائيل وكان بعمر 10 سنوات أصبح عمره 28 سنة اليوم ومن وُلد هناك اصبح بعمر 18، فهل نريد إدخال 5 آلاف عميل جديد الى لبنان"، مشيرة الى انّ البحث الجدي اليوم حول هذا الموضوع يتم حول كيفيّة استثناء من قد يشكل خطرا على الامن القومي في لبنان من قانون ​العفو العام​.

لكل طائفة مطلب، ولكل مطلب معارضون، فهل تنجح القوى السياسية الممثلة للطوائف من نسج مشروع قانون يرضي الجميع؟.