التكهنات والتحليلات حول زيارة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الى المملكة العربية ​السعودية​ ولقائه العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الامير محمد بن سلمان، اكثر من ان تحصى وتعد، من قبل الذين يعرفون او اولئك الذين لا يعرفون خفايا العلاقة بين رئيس ​تيار المستقبل​ والرياض.

وركزت هذه التحليلات على الانتخابات النيابية والتحالفات ضمن حلفاء السعودية في سياق التصدي ل​حزب الله​ والحيلولة دون وصول عدد كبير من نواب هذا الحزب وحلفائه الى الندوة البرلمانية .

ورأت مصادر سياسية ان المشهد السياسي في ​لبنان​ اليوم لا يزال محكوما بالتسوية بين تيار المستقبل و​التيار الوطني الحر​ والتي أوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، بعد اصرار حزب الله على ان لا انتخابات رئاسيّة بعد فراغ دام حوالي العامين الا بانتخاب عون رئيسا . واعتبرت هذه المصادر ان قرار الحريري المضي بهذه التسوية، لم يكن ليتم الا بالموافقة الضمنية للقيادة السعودية، التي كانت تأمل بحصول تباعد بين عون وحزب الله، ولكن هذا الامر لم يتحقق، وبقي عون على موقفه، وأعلنه بعد انتخابه، ولدى زيارته الاولى خارج البلاد كرئيس للجمهورية الى المملكة العربية السعودية، واصرار الحريري على ان مشكلة سلاح حزب الله وتدخلاته الخارجية هي مشكلة إقليمية، وان لبنان لا يستطيع المواجهة معه حرصا على وحدة لبنان واللبنانيين، غير ان السعوديين لم يستوعبوا هذه السياسة وعبّروا عن رفضهم لها باحتجاز رئيس الحكومة وإرغامه على الاستقالة، لكنهم فشلوا في ابتداع زعيم سني بديل عنه، لأسباب كثيرة وفي مقدمها وقوف أصدقاء الحريري وحتى خصومه الى جانبه رافضين خطوة المملكة .

وتابعت المصادر بأن الرياض ارادت من خلال الدعوة التي وجهت لرئيس وزراء لبنان ولقاءاته مع كبار المسؤولين السعوديين، تصحيح الخلل الذي اصاب علاقاتها مع زعيم السنة في لبنان .

وتقول المصادر، انه وبالرغم من عدم وجود تفاصيل ومعلومات مؤكدة حول فحوى المحادثات التي اجراها الحريري مع ولي العهد، فلم تحصل تطورات مهمة تجعل زعيم تيار المستقبل يبدل نظرته الى علاقاته مع حزب الله، ويجنح الى ما كانت السعودية ترغب به وهو عزل هذا الحزب وعدم التعاون معه في الحكومة الحالية او في أيّ حكومة مقبلة، اضافة الى ان علاقاته برئيس الجمهوريّة وصلت الى حدّ عدم التراجع عنها، حتى لو لم يحصل تعاون انتخابي كامل مع التيار الوطني الحر .

وتؤكد هذه المصادر ان كل التطورات التي جرت منذ انتخاب عون رئيسا للجمهورية، اضافة الى تلك المتوقّع ان تحصل بعد الانتخابات النيابية، تشير الى ان الحريري سيكون رئيسا للوزراء بعد هذه الانتخابات ونبيه بري رئيسا للمجلس النيابي من جديد، اي ان المعادلة القائمة حاليا لن تتبدل .

يبقى السؤال الافتراضي القائم بغض النظر عن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، هل يمكن للتيار الوطني الحر ومعه تيار المستقبل وبقية حلفاء السعودية ان يحاصروا حزب الله ويمنعوه من التدخل في سوريا وتسليم سلاحه؟، وهل يمكن لحزب الله ان يفرض على الآخرين سياسة تدور في الفلك الإيراني؟ الجواب بالتأكيد كلا، الا اذا تقرر في مكان ما خارج الحدود الإنهاء على الاستقرار الحالي مهما كان هشا .

واستنتجت المصادر ان الوضع السياسي بعد هذه الانتخابات سيبقى على حاله وان الصراع مع حزب الله وحلفاء السعودية لن ينتهي الا ضمن حل إقليمي لا يبدو قريبا، ويبقى وبحسب المصادر، على الدولة اللبنانية بعد هذه الانتخابات، التركيز على الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشيّة للبنانيين قبل ان تحوّل هذه الأزمات لبنان الى دولة مفلسة لن تجد من يخرجها من ازماتها.