تعدّدت السيناريوهات حول أبعاد زيارة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الى ​السعودية​، خصوصاً في ظل ربط مضمونها بالانتخابات النيابية في ​لبنان​. بعد عودة "الشيخ سعد" الى بيروت بدأت تتضح المؤشرات تدريجياً بشأن التموضعات الانتخابية التي ربطها الحريري بقانون الانتخاب الذي يفرض تحالفات لرفع الحاصل في كل دائرة. لكن تلك التموضعات تشير الى رغبة الحريري بالحفاظ على حلفه مع التيار "الوطني الحر" أولاً، وتجديد العلاقة مع "​القوات​" ثانيا، بشكل محدود ومدروس، والتمسك بالحلف السرمدي مع "​التقدمي الاشتراكي​" ثالثاً.

يخطط رئيس الحكومة للتحالف مع "القوات" في دوائر زحلة، بعلبك-الهرمل، عكار، والشوف-عاليه. يعرف الحريري ان تحالفاً كهذا يُرضي عواصم عربية واجنبية ترغب بإعادة وصل ما إنقطع بينه وبين رئيس حزب "القوات" سمير جعجع. الأهم بالنسبة الى الحريري، ان هذا التحالف لا يُفسد علاقة "المستقبل" بالتيار "الوطني الحر"، ولا يكون على حساب مقاعد الأخير. يستطيع "العونيون" ضمان نجاحهم الى جانب حلفاء آخرين في الدوائر المذكورة.

تيار "المستقبل" نفسه يتمسّك بدعم وزير الخارجية جبران باسيل في معاركه الانتخابية الاساسية، بدءاً من البترون التي قرر الحريري فيها اعطاء "التفضيلي" لباسيل. كذلك سيسعى رئيس الحكومة لتشكيل لوائح مشتركة مع "الوطني الحر" في صيدا-جزين. النقاش لا زال مفتوحاً. تلك الدوائر الشمالية والجنوبية تهم العونيين الذين يخوضون فيها "معارك سياسية وجودية".

اما الحلف بين الحريري ورئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط فرسّخه رئيس الحكومة بدءا من الشوف الى بيروت والبقاع الغربي. ويسعى الحريري الى تنظيم تحالف واحد يجمع "القوات" و "التقدمي" في دائرة الشوف-عاليه.

المؤشرات توحي بأن الحريري قرر عدم قطع العلاقة مع حلفائه الأساسيين القدامى والجدد. هو يأخذ بعين الاعتبار مسألة عودته الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات. يريد استكمال المشاريع المتعلقة بالنفط والكهرباء بأجواء هادئة وسلسة من دون التعكير عليه.

لكن هل تكفي تلك التحالفات الانتخابية لضمان عودة "الشيخ سعد" لرئاسة الحكومة؟ الاهم: كيف ستخوض القوى الانتخابات في ظل تحالفات "القُطعة"؟ كيف سيكون خطابها؟ هل يُعقل ان تهاجم الخصم في دائرة تتسابق معه فيها، وتمدحه في دائرة تتحالف فيها معه نفسه؟.