كما كان متوقعا شكّلت زيارة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الى السعودية مفصلا سياسيا مهما في الحياة الانتخابية اللبنانية واعادت خلط أوراق التحالفات والمفاوضات ولو ببطء، اذ من المتوقع أن ترتفع وتيرة "التبدلات" في الأيام المقبلة، خصوصا وان الحريري لا زال يتحدث عن الدوائر بـ"المفرق".

عاد الحريري من السعودية بـ"نفس" انتخابي جديد جعله يؤكد على "التحالف الاستراتيجي" مع حزب ​القوات اللبنانية​، ويتحدث عن تحالف المستقبل مع القوات في أكثر من دائرة انتخابية، وفي هذا السياق تشير مصادر مطلعة الى أن الحريري يُظهر التعديل بتحالفاته على مهل، فيتطرق الى كل دائرة على حدى رغم أن تحالفه مع القوات سيكون في أغلب الدوائر الانتخابية، ولعل الأبرز سيكون في دائرة بعلبك-الهرمل، الدائرة التي تعد بالكثير من التنافس بين لائحة ​حزب الله​ و​حركة أمل​ من جهة ولائحة ​تيار المستقبل​ والقوات اللبنانية من جهة أخرى، حيث تشير غالبية الدراسات الى أن لائحة الثنائي الشيعي ستخسر مقعدين أو ثلاثة مقاعد انتخابية.

وتضيف المصادر: "بعد أن انطلق التغيير في خريطة تحالفات تيار المستقبل عاد ​التيار الوطني الحر​ الى بحث تحالفاته السابقة وتحديدا مع الثنائي الشيعي، وترّسمت عودة المفاوضات في دائرة بعبدا حيث يتم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق لخوض الانتخابات ضمن لائحة واحدة، كذلك اعتماد النائب إميل رحمة كمرشح ماروني في لائحة حزب الله في بعلبك الهرمل" على الرغم من وجود منافسة مارونيّة على خط الثامن من آذار ومؤيّدة للتيّار الوطني الحر هي المحامية سندريللا مرهج، وأشارت المصادر الى أن درب التفاوض بين الوطني الحر والثنائي الشيعي يمتد الى دائرة بيروت الثانية أيضا حيث يجري البحث بدخول المرشح "العوني" ضمن اللائحة من باب المقعد الانجيلي بدلا عن مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي.

وتكشف المصادر أن الثنائي الشيعي لن يسمح بالاستفراد بالتيار الوطني الحر بحال كان الهدف السعودي هو ضربه في الانتخابات النيابية، وهذا الأمر أكدت عليه اللقاءات بين الفريقين، الأمر الذي خلق نوعا من التململ داخل ​قوى 8 آذار​ الذين يعتبرون أن رئيس التيار جبران باسيل باعهم لأجل تحالفه مع المستقبل، ويعود اليهم اليوم بعد فضّ الحريري للتحالف معه. وتقول المصادر: "يعلم حزب الله صعوبة تسويق التحالف مع التيار الوطني الحر بعد تأكيد الاخير على تحالفه مع المستقبل ومعارضته لترشيحات الحزب في أكثر من دائرة كجبيل، التي رفض فيها التيار مرشح الحزب حسين زعيتر، وطالب بمرشح غير حزبي يكون من ضمن تكتله النيابي بعد الانتخابات، وبعلبك الهرمل التي كان للتيار اعتراضا فيها على تبني ترشيح إميل رحمة والتوجه لتسمية باتريك فخري، الأمر الذي تغيّر اليوم بعد أن اقترب الوطني الحر من التحالف مع الثنائي الشيعي في هذه الدائرة، ما انتج بقاء رحمة ضمن لائحة الحزب.

وبالاضافة الى بيروت الثانية وبعبدا وبعلبك الهرمل، يجري البحث حول التحالف الانتخابي في دائرة البقاع الغربي-راشيا، ويطالب التيار في هذه الدائرة بحسب المصادر بمقعدين نيابيين، ولكن هذا الطرح لم يلقَ تجاوبا حتى اللحظة. وتقول المصادر انه على الرغم من كل ما سبق يبقى للثنائي الشيعي رأيه الاستراتيجي في منع إضعاف التيار الوطني الحر، ولذلك أوصلت قيادة حزب الله رسالة الى باسيل مفادها أن "لوائح الوفاء والأمل ستظل مفتوحة أمام مرشحي التيار الوطني الحر اذا استمر الحريري في تقرّبه انتخابيا من القوات اللبنانية واطراف من 14 اذار سابقا بهدف محاصرة التيار". فهل نشهد اعادة رسم لخريطة التحالفات في مختلف المناطق؟.