"انا ممثّل، وأجيد تأدية كل الادوار... لقد خفتُ عندما تم وضعي في غرفة مظلمة، فاضطررت تحت الضغط النفسي أن أؤدي دوراً تمثيليا"، بهذه العبارة برر "المتهم بالعمالة مع ​إسرائيل​" ​زياد عيتاني​ اعترافه بالتواصل مع ضابطة إسرائيلية.

في الحالات الطبيعية، المتهم "يكذب" لتبرئة نفسه، لكن مع عيتاني فالوضع مختلف، لانه اعترف بما يدينه. فإذا كذب في الاعترافات الأولية والتي اشرف عليها ضباط من ​أمن الدولة​، فلماذا كذب أمام القضاء أيضاً؟ وكيف سيتم تصديقه بعد اعترافاته الجديدة؟ وهل يعقل ان يؤدي دورا تمثيليا على الأجهزة الأمنية في موضوع حساس كهذا؟

بداية، تشدد مصادر أمنية عبر "​النشرة​" على أن "اعترافات الممثل المسرحي زياد عيتاني لدى أمن الدولة جرت بدون استخدام العنف وهي موثّقة بالصوت والصورة"، لافتة إلى ان "هذا الملف كلّه سيحال للقضاء لعدم وضع مديرية أمن الدولة كـ"كبش محرقة" لمآرب غير معروفة".

عيتاني _ الحاج

كل ما أشيع مؤخراً، يودي إلى ربط مسألة القاء القبض على عيتاني بتوقيف رئيسة ​مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية​ وحماية الملكية الفكرية المقدّم ​سوزان الحاج​ حبيش. هنا تسترجع المصادر عينها تسلسل الأحداث، كاشفة أن "قضية عيتاني بدأت في العام 2014، قبل أن تعلن مديرية أمن الدولة توقيفه ومن ثم اعترافه بتواصله مع فتاة سويدية ليعرف لاحقا انها إسرائيلية، واستمر بالحديث معها رغم معرفته بهويتها، ما يعني ان نية العمالة موجودة لديه "، مضيفة "سوزان الحاج حبيش عُينت رئيسة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية منذ 2012 وبدأت أزمتها السياسية منذ عام تقريباً، فهل يعقل أن عملية الايقاع بعيتاني استمرت لأربع سنوات، وقبل أزمتها التي أشيع أنها السبب في ما حصل؟".

في سياق آخر، ترى المصادر أن "الإيقاع بهدف محدد يأتي بعد الشك بتحركاته، وبالتالي القيام بهذا العمل دليل على وجود شكوك حوله وفي حالتنا هذه فإن رصد عيتاني والايقاع به دليل على وجود خلفيات في القضية في هذا الموضوع، كما ان اتخاذ هكذا قرار من مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية يحتاج إلى موافقة من القيادة، خصوصاً أننا نتكلم عن فترة لم تكن فيها المقدم الحاج بعد في أزمة سياسية كما هو الحال اليوم".

كما تؤكد المصادر أن "اتهام عيتاني لم يأتِ من مجرّد دلائل ظرفية متمثلة ب​داتا الاتصالات​ أو بمحادثات على مواقع التواصل الاجتماعي"، لافتة إلى أن "اعترافاته في أمن الدولة وفي القضاء هي دليل على ذلك، اضافة لثبوت سفره إلى تركيا والعديد من الدلائل الحسية التي لا تندرج تحت صفة الدلائل الظرفية".

مصادر قضائية أخرى تؤكد عبر "النشرة" أنه "لا يمكن اتخاذ اي قرار أو حكم اليوم قبل صدور القرار الظني، وكل ما صدر عن سياسيين هو عبارة عن تمنيات فقط"، لافتة إلى أنه "في حال احتوى القرار الظني اتهاماً لعيتاني بالعمالة، فيجب أن يكون ذلك موثقاً بتواصله مع العدو أو أنه قدم خدمات له، وفي غياب هذه المعطيات لا يمكن اتهامه بالعمالة".

وتلفت المصادر إلى أنه "في حال ثبت براءة عيتاني من ملف العمالة، فيمكن اتهامه بالتزوير، نظراً لأنه قدّم اعترافات تم تسجيلها على محضر وهو مستند رسمي ووقّع عليه ما يثبت جرم التزوير وتضليل العدالة، كما أنه يمكن اتهامه بالإفتراء إن زجّ باسم أحد خلال التحقيق معه".

بعيداً عن كل التطورات القضائية، وكل الأوراق التي ما زالت مخفية، علامات استفهام كثيرة تُطرح، منها الصراع الذي ظهر بين الاجهزة الامنية، خصوصاً بعد تغريدة وزير الداخلية نهاد المشنوق التي اعلن فيها براءة عيتاني قبل قرار القضاء. ورغم ان رئيس الجمهورية فرض على الاجهزة الامنية التعاون والتنسيق فيما بينهم، فهل يحق لوزير الداخلية التصرف بشكل يضر احد الأجهزة الأمنية ويعارض أوامر رئيس الجمهورية؟

تؤكد المعطيات أن عيتاني تحت الرصد منذ العام 2014، فلماذا يُحكى عن فبركة للملف؟ وإن كان الهاكر هو من أوقع بعيتاني، ألا يعني ذلك أن نية العمالة موجودة؟