ثلاثة أسابيع فاصلة، لتحسم القوى السياسية كافة تحالفاتها الانتخابية الذي على اساسه ستخوض غمار الاستحاق النيابي وسط ثلاثة تواريخ: اقفال باب الترشيح الرسمي في الوزارة في السادس من اذار الجاري، موعد اقفال باب المهلة القانونية لتسجيل اللوائح الانتخابية رسميا في وزارة الداخلية والبلدية في السابع والعشرين من اذار الجاري، وموعد اجراء الاستحقاق الانتخابي نفسه المقرر يوم الاحد في السادس من أيار المقبل،

بين التواريخ الثلاثة، خطت القوى السياسية اولى خطواتها بأسماء مرشحيها "الاساسيين" الذين سيخوضون غمار الاستحاق و"الاحتياط" الذين ستجري المناورات فيهم لتحسين شروط التحالفات الانتخابية المقبلة لتأمين الفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية، فيما الخطوة التالية المرتقبة اعلان هذه التحالفات قبل 27 اذار المقبل.

في دائرة "صيدا–جزين" الانتخابية التي تشكل واحدة من الاكثر المعارك "حماسة" و"حماوة" نظرا لتداخل القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة وخصوصية مدينتي صيدا وجزين في المعادلة اللبنانية، أوحت اسماء المرشحين في اليوم الأخير، أن التحالفات ما زالت ملتبسة وقابلة للتعديل والتغيير، فقد تقدمت النائب بهية الحريري والمحامي حسن شمس الدين بطلب ترشحهما للانتخابات النيابية عن المقعدين السنيين في مدينة صيدا كممثلين عن تيار "المستقبل"، بينما تقدم الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد، وعضو اللجنة المركزية في "التنظيم" الدكتور عبد القادر البساط بطلب ترشيحهما عن ذات المقعدين، سبقهما الى ذلك الدكتور عبد الرحمن البزري ونائب رئيس المكتب السياسي لـ"الجماعة الاسلامية" في لبنان الدكتور بسام حمود، اضافة الى مرشحين منفردين أبرزهم الدكتور علي الشيخ عمار، ماهر الرشيدي، وسمير البزري والاخيرين لا حيثيثات لهما للفوز بإستثناء تسجيل موقف للتعبير عن الرغبة بوصول جيل الشباب او التغيير وصولا الى "المناورة".

بمقابل صيدا، طلب "​التيار الوطني الحر​" ترشيح كلا من "الدكتور سليم الخوري وجاد صوايا" رغم إبلاغه من رئيس الماكينة الانتخابية نسيب حاتم بإستبعاده، اذ ان قرار التيار ترشيح النائبين "زياد اسود وأمل ابو زيد" عن المقعدين المارونيين في جزين، وابقاء المقعد الماكثوليكي شاغرا بهدف "المناورة الانتخابية" وخاصة اذا ما أبرم تحالفا مع تيار "المستقبل" الذي يطالب بترشيح أحد المقربين منه عن هذا المقعد كي يحافظ على عدد مقعديه الاثنين دون اي نقصان، على اعتبار ان المقعد السني الثاني في صيدا سيؤول الى مرشح آخر وفق القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي والتصويت للائحة واحدة حصرا دون اي اختيار بين مرشحين على لوائح متنافسة، او اذا ابرم تحالفا مع ​القوات اللبنانية​" التي رشحت عجاج حداد عن المقعد الكاثوليكي نفسه.

وحدهما الدكتور "أسامة سعد وابراهيم عازار" حسما باكرا ترشيهحما وتحالفهما عن احد المقعدين السنيين والمارونيين في صيدا وجزين، مدعومين من الثنائي الشيعي أي "​حزب الله​" وحركة "أمل"، وسط اتفاق على ترشيح كاثوليكي في ذات اللائحة التي سيعلن عنها في مهرجان انتخابي قريبا بهدف كسب المزيد من الاصوات، وتوازيا عدم ترشيح أحد آخر عن المقعد السني أو الماروني الثاني وتركهما شاغرين تفاديا للصوت التفضيلي.

وترجح مصادر صيداوية لـ"النشرة"، ان تشهد الاسابيع الثلاثة الفاصلة لموعد تسجيل اللوائح رسميا لقاءات علنية وبعيدا عن الاضواء والاعلام ومفاوضات لبلورة صورة التحالفات بصورة نهائية قبل إعلانها رسميا، وتحديدا بين "​تيار المستقبل​" و"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على مستوى لبنان ثم على مستوى دائرة صيدا-جزين وربما تقود الى تركيب تحالف "انتخابي ثلاثي" لاقفال لائحة صيدا-جزين يجمع النواب الحريري وشمس الدين (سنيان) وأمل ابو زيد وزياد أسود (مارونيان) مع المرشح الكاثوليكي عجاج حداد، وان كان مستبعدا الى الان، بعدما فتح التيار "البرتقالي" الباب لاحتمال التحالف مع الدكتور البزري التي تبدو خياراته مفتوحة في كل الاتجاهات ايضا بعدما دلت الاحصاءات الأخيرة ان لديه كتلة ناخبة، يستمدها من إرث والده السياسي العتيق الراحل الدكتور نزبه الزري وقاعدته الشعبية التي تمزج بين العائلات وروابطها، المخاتير والاحياء، هيئات المجتمع المدني وجيل الشباب الراغب بالتغيير، ومرشح "الجماعة" الدكتور حمود الذي ينتمي الى تكتل ناخب ويستمد قوته الاضافية من عائلات الاسلاميين الذي وقف الى جانبهم ودافع عن "مظلوميتهم".

غياب السنيورة

وسط المرشحين ومعادلة التحالفات المرتقبة"، فإن أولى تداعيات المعركة الانتخابية في هذه الدائرة، غياب رئيس كتلة تيار "المستقبل" ​فؤاد السنيورة​ عن المشهد الانتخابي, بعدما قرر العزوف عن خوض غمار الاستحقاق بعد حسابات دقيقة دلت على إحتمال خسارته ما يشكل نهاية غير سعيدة له، فقرر مغادرة الحياة النيابية في صيدا طوعا وتحوله الى "ناشط" سياسي، بعد أن شغل أحد المقاعد النيابية في المدينة لفترة طويلة.

وتقول مصادر صيداوية، ان خروج السنيورة الى "التقاعد السياسي المبكر" الذي اختاره ومغادرته حلبة هذا الاستحقاق وترشح المحامي شمس الدين... قد فتح المعركة على مصراعيها في هذه المدينة عاصمة الجنوب صيدا وفي عروس الشلال جزين لدرجة ان مقعدا سنيا واحدا في صيدا ومقعدا مارونيا واحدا في جزين قد استدعى تحالفات بالجملة وقد يجمع بين "الأضداد" من اجل الفوز.

خلاصة القول، ان دائرة صيدا–جزين الانتخابية تعتبر الأصغر في كل الدوائر في لبنان... الا أنها تكاد تختصر كل معارك لبنان الانتخابية "حماسة" و"حماوة"، بعدما فتح القانون الانتخابي الجديد نوافذ أمل كبيرة على الفوز وكسر معادلة عدم الاقصاء.