على صعيد لبنان ككل، سجّل عدد الذين تقدموا بطلبات ترشحيهم الى ​الإنتخابات النيابية​ رقماً قياسياً (٩٧٦ مرشحاً) منذ الإستقلال وحتى اليوم. وعلى صعيد الدوائر الإنتخابية، جاءت أعداد الترشيحات مرتفعة جداً مقارنة مع الدورات الإنتخابية الماضية. فقط في دائرة ​البترون​، لم تسجل زحمة مرشحين على المقعدين المارونيين إذ بلغ عدد طلبات الترشيح ١٠ أبزرها رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجيّة جبران باسيل، النائب بطرس حرب، النائب ​الكتائب​ي سامر سعاده ومرشح القوات فادي سعد. نسبة الترشيحات الأدنى في لبنان التي سجلها قضاء البترون لم تكن وليدة الصدفة، بل لها أسبابها وأرقامها التي اظهرتها إستطلاعات الرأي التي أجريت في الأشهر القليلة الماضية.

وعن هذه الإستطلاعات والأرقام يقول خبير إحصائي إن السبب الأول يعود الى أن في القضاء مقعدان فقط، الأمر الذي يجعل حظوظ الفوز لدى المرشحين الضعفاء شبه معدومة، ويخفف بالتالي من حماستهم على الترشيح. السبب الثاني لأن في القضاء مقعد من إثنين محسوم لمصلحة الوزير باسيل بنسبة مئوية مرتفعة جداً وذلك لأكثر من سبب أهمّها:

أولاً، لأن التيار الوطني الحر يملك في البترون الكتلة الناخبة الأكبر بين الأحزاب والتيارات والمرشحين وتصل الى ١٤٠٠٠ صوت، بينما تتراوح الكتلة الناخبة القواتية بين ٩٠٠٠ و١٠٠٠٠ صوت، مقابل ٧٠٠٠ صوت للنائب حرب، وحوالي ٣٠٠٠ صوت للكتائب.

ثانياً، لأن الوزير باسيل يتجه الى الترشح منفرداً عن قضاء البترون على اللائحة التي يشكلها مع حلفائه في الدائرة الكبرى ما يعني أنه سيحصد الأصوات التفضيلية العونية كاملةً ومن دون أن تتوزع على مرشحين إثنين كما سيحصل مع أي لائحة تضم مرشحين مارونين عن البترون.

إذاً، في البترون المعركة الحقيقية هي على المقعد الماروني الثاني وستنحصر بين مرشح ​القوات اللبنانية​ فادي سعد والنائب بطرس حرب الذي يتردد أنه أبرم تحالفاً إنتخابياً مع ​تيار المردة​ و​الحزب السوري القومي الإجتماعي​، وفي هذه المعركة ترجح إستطلاعات الرأي أن يكون الفوز لصالح مرشح القوات القادر على حصد أصوات تفضيلية أكثر من حرب.

مقعد باسيل المحسوم بترونياً ليس الوحيد في الدائرة الذي تعرف نتيجته قبل فتح صناديق الإقتراع، ففي زغرتا يضمن تيار المرده مقعدين من ثلاثة، ويضمن رئيس حركة الإستقلال ميشال معوّض المقعد الماروني الثالث. أما في بشري فحظوظ القوات مرتفعة جداً بحسم نتيجة المقعدين المارونين لمصلحتها، لتبقى مقاعد الكورة الأرثوذوكسية مجهولة المصير حيث ستكون المعركة الحقيقية بين الأحزاب المسيحية يضاف اليها الحزب السوري القومي الإجتماعي و​تيار المستقبل​ اللذين يشكلان لاعبين لا يستهان بهما أبداً في الكورة.

اذاً، كما مقعد البترون المحسوم، كذلك هو وضع عدد كبير من المقاعد العشرة في الدائرة المسيحيّة الأكبر لناحية عدد المقاعد، وكذلك أيضاً هو وضع حوالي ٨٠ مقعداً نيابياً محسومة نتائجها مسبقاً قبل فتح صاديق الإقتراع، كل ذلك على رغم القانون النسبي الجديد.