في الوقت الذي تنشغل فيه الاوساط السياسية والنيابية بالتحضير للانتخابات النيابية المقبلة في السادس من أيار المقبل، واشتداد التنافس والغموض الذي فرضه قانون الانتخابات الجديد، يأتي من خارج السياق ارجاء زيارة الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ الى ​لبنان​ والعراق، وهي زيارة دولة، والتي كانت مقررة منتصف شهر نيسان المقبل، وسط احتدام المعركة الانتخابية .

وكان رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ تبلغ من سفير فرنسا في لبنان ​برونو فوشيه​ بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أرجأ الزيارة التي كان ينوي القيام بها الى وقت آخر بسبب ارتباطات سابقة للرئيس الفرنسي، واوضح ان الزيارة الرئاسية الفرنسية ما زالت قائمة لكن موعدها سيتحدد لاحقا.

وكانت هذه الزيارة قد تقررت في اجتماع القمة الذي عقده ماكرون في باريس مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ٢٥ ايلول ٢٠١٧.

وقالت مصادر سياسية ان الدوائر اللبنانية المعنية تفهمت دوافع قرار التأجيل، لان باريس فضلت الارجاء بسبب قربها من الانتخابات النيابية، وكي لا تفسر هذه الزيارة بأنها مرتبطة بها او بنتائجها، وان المناخ السياسي والاعلامي المتوقع ان يكون حاميا في نيسان، على بعد مسافة قريبة من الاستحقاق الانتخابي، مما يتعارض مع غايات الزيارة .

واضافت المصادر ان الارجاء الفرنسي واكبه حرص باريس على تثبيت موعد مؤتمر "سيدير" في السادس من نيسان المقبل في العاصمة الفرنسيّة، على ان يسبقه اجتماع تحضيري في ٢٦ اذار الجاري، مع تأكيدها دعم مؤتمر روما في ١٥ اذار أيضًا لدعم القوات المسلحة اللبنانية، وبروكسيل المخصص للنازحين السوريين في دول الجوار .

ورأت المصادر نفسها ان التطورات التي تشهدها المنطقة، وخصوصا الحراك الفرنسي واستقلاليته عن التوجهات الاميركيّة في المنطقة لجهة الملف الإيراني في ضوء الزيارة المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون الى العاصمة طهران، ربما كان عاملا اضافيا لإرجاء زيارته الى كل من بغداد وبيروت .

وفي هذا السياق كشفت المصادر بأن فرنسا سبق لها ان زوّدت ايران عبر القنوات الدبلوماسية التي تحكم علاقاتهما بمطالب ممكن ان تسهل المهمة الفرنسية الرامية الى تخفيف الضغط الدولي والاميركي عن طهران في الملف النووي، وأهمها قبول القيادة الإيرانية بالمفاوضات حول الصواريخ الباليستية، ووقف تدخلاتها وحروبها ودعمها الجماعات التي تدور في فلكها في المنطقة، وتأثيرها في عدد من الدول العربية الامر الّذي يهدد الاستقرار في المنطقة العربية.

وربطت المصادر المطالَب الفرنسية، بما اعلنه رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء بروجردي، عن الاختلاف بين ايران وبعض دول المنطقة، وبالتحديد مع ​السعودية​، بأنه ليس مذهبيا او دينيا، لافتا الى "إننا أعلنا وفي العديد من المناسبات، ونعلن حاليا استعدادانا للحوار مع السعودية لتسوية مشاكل المنطقة"، ويؤشر هذا الإعلان الى تلقف طهران مطالب باريس .

واعتبرت المصادر الى ان هذا الحراك الفرنسي تحديدا، اضافة الى اللقاءات المرتقبة لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في العاصمة الفرنسيّة في نيسان المقبل، ساعد في ترجيح فكرة ارجاء زيارة ماكرون الى لبنان والعراق، بسبب الرغبة الفرنسية بان تكون هاتان الزيارتان بداية الحلول المعقدة التي تعانيها منطقة ​الشرق الاوسط​ جراء السياسة الإيرانية، مع تأكيد فرنسي على عدم ربط هذه الامور بملف المحافظة على استقرار لبنان وأمنه واستقلاله .