عندما يقول رئيس الحكومة سعد الحريري ما قاله عن أن ​القوات اللبنانية​ "بدّن منجّم عربي" كاشفاً أنه لم يتحدث عن عرض إنتخابي ولا سيما في زحله، فذلك يعني في التفسير الإنتخابي أنه أراد ومن خلال دردشة مع الصحافيين، الرد على ما سُرّب نقلاً عن مصادر قواتية ومفاده أن رئيس ​تيار المستقبل​ أوهم قيادة معراب خلال الأيام القليلة الماضية أنه يريد التحالف معها في دائرة زحله، وعندما دقّت ساعة الحسم تخلى عنها. وعن رد الحريري هذا، يكشف مصدر بارز في تيار المستقبل هو على إطلاع مباشر على ما يحصل من مفاوضات مع الأفرقاء، أن الحريري لم يعد القوات ولو لمرة، لا مباشرة ولا عبر موفده وزير الثقافة غطاس خوري، بتحالف إنتخابي في عروس ​البقاع​، وكل ما تُسوّقه القوات على هذا الصعيد، عار من الصحة. وفي المعلومات المتعلقة بدائرة زحله، يكشف مرشح زحلي أن الحريري وقبل زيارته الأخيرة الى المملكة العربية السعودية، كان قد أبرم تحالفاً إنتخابياً مع ​التيار الوطني الحر​ و​حزب الطاشناق​، ويقضي هذا الإتفاق بأن يسمي الحريري المقعدين السني والشيعي كما الأرمني بالتنسيق مع حزب الطاشناق، مقابل أن يحصل التيار الوطني الحر على المقعد الماروني لمصلحة حزبي هو النائب السابق سليم عون، وبأن تتبنى قيادته ترشيح كل من ميشال سكاف وميشال ضاهر عن مقعدي الروم الكاثوليك وترشيح أسعد نكد عن المقعد الأرثوذوكسي، وهذا ما حصل بالفعل، إذ بادر رئيس التيار وزير الخارجيّة جبران باسيل خلال زيارته عروس البقاع الى إعلان ترشيح عون، والى حضور العشاء الذي أقامه نكد على شرفه في إشارة واضحة الى تبني ترشيحه. أما ضاهر وسكاف فتبلّغا فيما بعد موافقة التيار على ضمّهما الى اللائحة التي يعمل على تشكيلها مع تيار المستقبل.

إنطلاقاً من هذه المعطيات، تقول مصادر المستقبل، إن الحريري لم يعد قادراً على الإنسحاب من هذا التحالف كونه سبق وأعطى موافقته عليه، وبناء على كلمته إتفق التيار مع نكد وسكاف وضاهر، هذا فضلاً عن أن رئيس الحكومة مقتنع بهذا التحالف، وبقوة هذه اللائحة القادرة على حصد أكثر من حاصل إنتخابي ما سيمكنها الحصول على أكثر من مقعد.

لكل ما تقدم، حاول تيار المستقبل قدر الإمكان تحييد دائرة زحلة عن جلسات المفاوضات مع القوات، على عكس ممثلي القوات الذين حاولوا أكثر من مرة طرح أسئلة عدة على ممثلي قيادة تيار المستقبل وذلك بهدف الحصول على جواب عن زحلة، الأمر الذي لم يحصل وذلك عملاً بتوجيهات من الحريري نفسه.

إذاً دائرة زحلة التي تعتبرها القوات اللبنانية من المسلّمات الإنتخابية، قد تكون الشعرة التي ستقصم ظهر البعير بين معراب وبيت الوسط، وهي التي قد تعيد خلط الأوراق في الدوائر التي سبق أن أعلن الفريقان تحالفهما فيها ومنها دائرة الشوف وعاليه مع ​الحزب التقدمي الإشتراكي​.

زحله التي تعتبرها القوات قلعتها الثانية إنتخابياً بعد بشري، هل يمكن أن تسلم فيها المعركة بهذه السهولة ضد تحالف التيارين الأزرق والبرتقالي مع الطاشناق، أم أنها قد تلجأ الى خيارات تحالفية أخرى كالكتائب التي يتردد أنها على قاب قوسين من إعلان تحالفها معه؟.