قد يكون ​حزب الكتائب​ الوحيد بين الأحزاب والتيارات السياسية الذي ألزم نفسه منذ بداية المعركة الإنتخابية بشعارات سياسيّة عالية السقوف، أكان لناحية الرفض المطلق للتحالف مع من وصفهم بـ"قوى السلطة" والإنفتاح على ما بات يعرف بـ"المجتمع المدني" والمستقلين، أم لناحية التمسك بثوابت ١٤ آذار"، علماً أنه لم يبقَ من الحركة السياسيّة التي تطلق على نفسها هذا الإسم سوى الإسم فقط. في المقابل أعلن باقي الأفرقاء وبصراحة تامة أن تحالفاتهم ستكون على القطعة، نظراً لمتطلبات وشروط القانون الإنتخابي الجديد الذي يفرض عليهم التحالف في هذه الدائرة أو تلك مع قوى هم على خلاف سياسي معها.

أمام هذا المشهد، بدأ حزب الكتائب يتعاطى مع الملف الإنتخابي إنطلاقاً من قناعة مفادها أن الشعارات السياسية لا "تقرّش" مقاعد، وأنه إذا تمسك بشعاراته وفيتواته على مرشحي الأحزاب والتيارات الممثلة في الحكومة، سيفرز يوم السادس من أيار نتائج كارثيّة على البيت المركزي. نتائج لا يريدها أصلاً رئيس الحزب المكتائب النائب سامي الجميل ولا هو قادر على تحمّل تبعاتها إذا خسرت الكتائب كتلتها النيابية.

من هذه القناعة، وُلد تحالف الكتائب مع ​القوات اللبنانية​ في دائرتي بيروت الأولى وزحلة، ومن هذه القناعة أيضاً، سيولد في الأيام القليلة المقبلة، تحالف الكتائب فارس سعيد في دائرة كسروان-الفتوح وجبيل مع النائب السابق فريد هيكل الخازن المعروف بتوجهاته السياسية القريبة من ​تيار المردة​ ومن سوريا بشكل عام وممّا كان يعرف بفريق الثامن من آذار.

قناعة الكتائب المستجدة بتوسيع مروحة التحالفات، لم تأتِ من باب الصدفة، بل نتيجة للدراسات الإنتخابية التي أُجريت في الأسابيع الفائتة، وجاءت نتائجها لتظهر أن تحالف الكتائب مع مجموعات المجتمع المدني، لا يؤمن لها الفوز بأكثر من نائبين كحدٍّ أقصى وبإيصال نائب مدعوم من الكتائب لكنه في الخيارات السياسية بعيد كل البعد عنها كالنائب السابق فريد هيكل الخازن الذي وفي حال وصوله الى مجلس النواب، لن يكون أبداً في كتلة الكتائب بل مع تيار المردة.

في لغة الأرقام والحسابات، "ما هو مضمون كتائبياً حتى اللحظة" يقول خبير إحصائي "هو مقعد النائب سامي الجميل في المتن الشمالي، وما هو شبه مضمون، هو مقعد ثانٍ في المتن قد تفوز به لائحة الكتائب إذا إستطاعت أن تؤمن حاصلين إنتخابيين وهي قريبة في الأرقام من تحقيقهما". أما ما هو غير مضمون، فهو مقعد النائب نديم الجميل في دائرة بيروت الأولى التي تضم الأشرفية–الصيفي–الرميل–المدوّر، ومقعد النائب سامر سعاده الذي نقل ترشيحه من طرابلس الى قضاء البترون حيث إقتراعه وسكنه ونشاطه، كذلك بالنسبة الى مقعد النائب فادي الهبر في عاليه ومقعد النائب ايلي ماروني في زحلة.

إذاً من الشعارات الرنّانة والفيتوات السياسية الى معادلة الضرورات الإنتخابية الّتي تبيح المحظورات، إنتقل حزب الكتائب في تحالفاته الإنتخابية، فهل ستقتصر هذه المحظورات على القوات اللبنانية فقط؟ أم أنها قد تتوسع لتشمل أفرقاء آخرين من مكونات الحكومة ك​الحزب التقدمي الإشتراكي​ مثلاً؟.

سؤال، جوابه لن يتأخر، وموعده النهائي منتصف ليل ٢٦-٢٧ آذار الجاري، عند إنتهاء مهلة تسجيل اللوائح في وزارة الداخلية والبلديات.