طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعم ​الكرسي الرسولي​ لرغبة ​لبنان​ بأن يكون مركزاً دولياً لحوار الاديان والحضارات والاعراق، لا سيما بعد موافقة عدد من الدول. موقف الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس المؤتمر الاسقفي الايطالي الكاردينال غالتييرو باسيتي Gualtiero Bassetti على رأس وفد ضم في عداده المونسنيور لوتشيانو جيوفانيتي Luciano Giovannetti نائب رئيس مؤسسة البابا يوحنا بولس الثاني، والقائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور ايفان سانتوس.

في مستهل اللقاء، شكر الكاردينال باسيتي الرئيس عون على استقباله والوفد المرافق، متمنياً له التوفيق في قيادة لبنان الى شاطىء الامان، وقال: " ان لبنان بالنسبة الى الفاتيكان نموذج للتعايش بين الطوائف والمذاهب، ليس فقط لدول الشرق الاوسط، بل للعالم اجمع. لقد ادرك الجميع هذه الحقيقة، ولبنان الرسالة كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، يواصل لعب دوره الجامع بين مختلف الاديان، ولا شك ان دور فخامتكم في هذا المجال اساسي وضروري، وسأحمل الانطباعات التي كوّنتها من زيارة لبنان الى قداسة البابا فرنسيس الذي يصلّي دائماً من اجل لبنان".

ورد الرئيس عون شاكراً الكاردينال باسيتي على زيارته، وحمّله تحياته الى البابا فرنسيس، معرباً عن تقديره للدور الذي يلعبه الفاتيكان لمساعدة مسيحيي الشرق في ضوء ما يتعرضون له من تحديات واعتداءات واعمال ارهابية طاولتهم كأفراد وكمراكز دينية وكنائس.

وشدد الرئيس عون على اهمية التنوع الذي يتمتع به لبنان بين مختلف الحضارات والاديان، لافتا الى ان المسيحيين والمسلمين فيه يمثلون مختلف المذاهب المسيحية والاسلامية، كما كان فيه يهود غادر غالبيتهم بعد احداث 1967. وقال: "لذلك اقترحت ان يكون لبنان مركزا لحوار الحضارات والاديان والاعراق ونحن نعمل لتحقيق هذه الغاية برعاية الامم المتحدة، لا سيما وان العديد من الدول سيؤيدنا في مطلبنا، وانا على يقين بقدرة الفاتيكان على ان يساعد بدوره في الامر. " كما اعرب رئيس الجمهورية عن استعداده للمساعدة في جميع النشاطات التي يرغب الوفد القيام بها في لبنان.

الى ذلك، شهد قصر بعبدا لقاءات سياسية وسياحية واقتصادية. وفي هذا السياق، استقبل الرئيس عون وزير السياحة اواديس كيدنيان مع وفد من جمعية Evenement التي تضم رؤساء ومدراء من 70 وكالة فرنسية تعنى بتنظيم نشاطات الشركات الفرنسية في فرنسا والعالم مثل المؤتمرات والندوات والمحاضرات.

في مستهل اللقاء، تحدث الوزير كيدنيان باسم الوفد، مشيراً الى ان وجود اعضائه في بيروت بدعوة من وزارة السياحة يندرج في اطار استراتيجية الوزارة لجعل لبنان مركزاً للمؤتمرات بامتياز في الحوض الشرقي للمتوسط وفي الشرق الاوسط، لا سيما في ظل الاستقرار الامني الذي جعل منه مركزاً سياحياً ومقصداً للشركات والمؤسسات التي تعنى بتنظيم المؤتمرات والندوات.

ثم تحدث رئيس الجمعية برتران بييار Bertrand Biard فلفت الى التنسيق الذي حصل بين اعضاء الوفد والوزير كيدنيان من اجل وضع مواقف الرئيس عون لتعزيز السياحة وتحويل لبنان الى مركز للمؤتمرات في الشرق الاوسط، ضمن خطة بدأ العمل على تنفيذها. وقال: "بعد ان كان يُنظر الى لبنان على انه تهديد، تحوّلت هذه النظرة، بفعل جهود رئيس الجمهورية، الى فرصة بالنسبة الى السياح والشركات التي تعنى بالسياحة وعقد المؤتمرات الدولية." واوضح ان اعضاء الوفد لا يتولون فقط تنظيم المؤتمرات الخارجية في لبنان، بل يرغبون ايضاً في وضع خبراتهم والمساعدة على تنظيم مؤتمرات للشركات والمؤسسات اللبنانية في الخارج للترويج للبنان ولجذب الاستثمارات اليه.

ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد في لبنان، "البلد الوحيد الذي تمكن من المحافظة على استقراره في منطقة غير مستقرة." واضاف: "استطعنا القضاء على الارهابيين بعد معركة خاضها الجيش في الجرود، وهذا الامر جعل لبنان واحة في الشرق الاوسط يرتاح اليه الجميع. ونحن نعتبر ان وجود الفرنسيين في لبنان ليس جديداً، وقد وجدوا في هذا البلد وشعبه معالم صداقة حقيقية تطورت عبر الوقت وجعلت العلاقات متينة، وتمتعوا بما يؤمّنه من مناخ وبيئة مطمئنة." واكد الرئيس عون ان الفرنسيين مرحب بهم كسياح او كمستثمرين، وامل ان تتعزز العلاقات بين البلدين والشعبين.

وفي سياق المؤتمرات التي تعقد في لبنان، التقى الرئيس عون وفداً من المشاركين في مؤتمر استكشاف وتطوير حقول النفط والغاز في لبنان الذي عقد في فندق "موفنبيك" في بيروت بمشاركة ممثلين عن دول عربية واجنبية. وخلال اللقاء، شكر رئيس المؤتمر الدكتور قاسم غريب الرئيس عون على رعايته المؤتمر الاول الذي عقدته جمعية البترول العالمية في لبنان والذي كان ذا طابع تقني للتدارس في كيفية الاستفادة من تجارب الدول المحيطة، وخاصة مصر، لمواجهة التحديات المقبلة في التنقيب وتطوير الحقول في المياه العميقة وشديدة العمق في لبنان وخاصة في الرقعتين 4 و9. واوضح الدكتور غريب ان المؤتمر شارك فيه عدد من الجامعات اللبنانية من خلال حوالي 45 استاذا وطالبا يدرّسون او يدرسون الاختصاصات النفطية من الهندسة وصولا الى الجيولوجيا النفطية، كما حضره ممثلون عن تسعة بلدان و18 شركة نفط بالاضافة الى هيئة ادارة قطاع البترول. واعرب الوفد عن تطلعه لاستمرار رعاية رئيس الجمهورية للمؤتمر في نسخاته المقبلة.

من جهته، رحب الرئيس عون بالوفد، مؤكداً حرصه على رعاية المؤتمرات التي تزيد المعرفة لدى المواطنين، ليس للاختصاصيين فحسب، بل لكل من يرغب في تحصيل المعرفة على المستوى الوطني، لاسيما وان من يرغب في المعرفة يكون راغبا في المساعدة. واشار رئيس الجمهورية الى ان لبنان استضاف العام الفائت اكثر من 35 مؤتمراً متنوعاً، معرباً عن امله في ان يصبح مركزاً علمياً على غرار السعي لجعله مركزاً لحوار الحضارات والاديان والاعراق برعاية الامم المتحدة في ظل حاجة العالم للحوار والعيش المشترك.

وعبّر الرئيس عون عن اهتمامه بالاقتصاد الوطني والنفط الذي جسّد لسنوات امنية اللبنانيين، والذي تم تلزيم التنقيب عنه اخيراً ، معرباً عن امله في نجاح الاعمال التنقيبية فيحقق لبنان انتاجا نفطياً يساعده على تحسين وضعه الاقتصادي المثقل "والذي يزيد من اعبائه تبعات النزوح السوري عليه بعدما بات هذا النزوح يمثل ما نسبته خمسين بالمئة من الشعب اللبناني." وقال: "لطالما سعينا الى استيعاب النازحين الا ان الامر بات يتجاوز طاقتنا على الاحتمال."

وفي قصر بعبدا، النائب فادي الاعور الذي اجرى جولة افق مع الرئيس عون تناولت الاوضاع الراهنة. كذلك، استقبل الرئيس عون الوزير السابق ناجي البستاني، وعرض معه الاوضاع العامة في البلاد.