على الرغم من وجود أكثر من مرشّح لـ"​حزب الله​" في العديد من الدوائر الإنتخابية، يبدو أن الحزب يولي أهمية خاصة لدائرتي بعلبك-الهرمل (​البقاع​ الثالثة)، التي تضم 6 مقاعد شيعية، و​النبطية​، ​بنت جبيل​، ومرجعيون حاصبيا (الجنوب الثالثة)، التي تضم 8 مقاعد شيعية، حيث يخوض المعركة مع "​حركة أمل​" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي"، ويعتبر أنها بمثابة إستفتاء على خيار المقاومة، في ظل الهجمات التي يتعرض لها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

في الدائرة الأولى، أي بعلبك-الهرمل، يحاول الحزب، في جميع خطاباته، أن يقول أن الخرق من قبل اللوائح الأخرى أمر طبيعي، لكن حديث أمين عام تيار "المستقبل" أحمد الحريري عن السعي إلى الخرق في أحد المقاعد الشيعية كان له وقعه الخاص لدى قيادة الحزب، ما دفع أمينه العام السيد حسن نصرالله إلى الإعلان عن إستعداده لـ"المخاطرة" بأمنه الخاص، لضمان عدم تحقيق ذلك، بعد أن كان الحزب يظن أن الخرق سيكون في واحد من المقعدين السنيين (المرشحان هما الوليد سكرية ويونس الرفاعي) أو بأحد المقعدين المسيحيين (الكاثوليكي الذي يترشح عليه الوزير السابق ألبير منصور والماروني الذي يترشح عليه النائب أميل رحمة).

في الدائرة الثانية، يرى الحزب أن عملية رفع الحاصل الإنتخابي قد تحول دون خرق القوى المعارضة للائحة "الأمل والوفاء"، نظراً إلى أن تلك القوى لن تكون قادرة على تأمين حاصل إنتخابي واحد حتى في حال إتحاد أبرز أركانها ضمن لائحة واحدة، الأمر الذي لا تزال تعتريه عوائق عدّة، نظراً إلى رفع الحزب "الشيوعي" شعار مواجهة قوى السلطة والمال، في حين أن إحتمال الخرق ان تمكنوا من الوصول الى الحاصل سيكون في أحد المقعدين، السني (الذي يترشح عنه النائب قاسم هاشم) أو الأرثوذكسي (الذي يترشح عنه النائب أسعد حردان)، والإحتمال الأكبر هو أن يكون في الأول.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، عبر "النشرة"، أن هناك جهات إقليمية ودولية تسعى إلى خرق لائحتي "حزب الله" و"حركة أمل" في هاتين الدائرتين، وتشير إلى أن التركيز العملي هو على دائرة بعلبك-الهرمل، نظراً إلى أن الفرص الأكبر للخرق تتواجد فيها في ظل حالة الإعتراض البارزة في البيئة الشيعية على أداء النواب الحاليين، حيث ظهرت أكثر من شخصية راغبة بخوض غمار المعركة الإنتخابية في دورة 2018، وترى بكلام الحريري أن الفوز في مقعد شيعي في هذه الدائرة يوازي الفوز بـ127 مقعداً نيابياً أكبر دليل على ذلك.

وتشير هذه المصادر إلى أن من حق الحزب اللجوء إلى أي أسلوب ديمقراطي لمنع حصول ذلك، مع العلم أنه في السابق كان قد أعلن أن لا معركة له مع تيار "المستقبل" في أي دائرة، بالرغم من المنافسة المباشرة في دائرة بيروت الثانية، حيث يسعى الحزب، بالإضافة إلى "أمل"، إلى الفوز في المقعدين الشيعيين فيها، بينما فوز مرشح "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" عدنان طرابلس عن أحد المقاعد السنية الست يعتبر أمرا طبيعيا، بسبب القدرة التمثيلية لها في هذه الدائرة.

إنطلاقاً من ذلك، لا تنفي المصادر نفسها إمكانية رفع الحزب سقف المواجهة أكثر، في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن وصف مرشحي اللوائح الأخرى في بعلبك الثالثة بـ"حلفاء" جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش" الإرهابيين ما قد يحرج بعض المرشحين المعارضين الذين يدورون في فلكه، وتكشف أن التركيز بعد ذلك سيكون على الجنوب الثالثة، حيث يعتقد أن الإتصالات مع بعض الحلفاء ستقضي على فرص تشكيل لائحة معارضة قادرة على الخرق، لا سيما "​التيار الوطني الحر​" و"​الحزب الديمقراطي اللبناني​"، وتضيف: "لهاتين الدائرتين أهمية خاصة كونهما تمثلان قضية الحزب في مقاومة العدوّين الإسرائيلي والتكفيري".

في المحصلة، يدرك "حزب الله" جيداً أن تركيبة قانون الإنتخاب الحالي، الذي يعتمد النسبية على أساس 15 دائرة، تسمح لخصومه بخوض معركة حقيقية في دائرتين كان يعتبر في السابق المواجهة فيهما شكليّة، لكنه سيسعى بكل قوة لمنعهم من تحقيق "إنتصارات" معنوية كبرى.