تختلف البرامج الانتخابية بحسب كل استحقاق، فالمرشح لمنصب بلدي ليس كالمرشح لمنصب نيابي، والبرنامج الانتخابي هو عبارة عن الخطة أو برنامج العمل الذي يضعه المرشح لمنصب ما ليوضح من خلاله الأهداف والمشاريع التي يسعى لإنجازها أثناء فترة توليه المنصب.

بطبيعة الحال يكون هدف البرنامج الانتخابي جذب الأصوات واقناع الناخبين بالتصويت لهذا المرشح، أو لهذه اللائحة كما هو الحال في اغلب الدول، ولكن ​لبنان​ هو حالة فريدة من نوعها و​الانتخابات​ فيه تحمل بجعبتها خصائص عديدة من ضمنها أن تقوم الأحزاب أو الشخصيات المستقلة بإعداد "ورقة" من عدة نقاط وتطلق عليها تسمية "البرنامج الانتخابي"، ومن ثم تقوم بتلاوتها في احتفال اعلان المرشحين، لتنتهي مهمتها من بعدها وتصبح كأنها لم تكن.

عادة تكون البرامج الانتخابية للنواب المرشحين المعيار الذي يتم على أساسه محاسبتهم بعد نجاحهم في الانتخابات، ولكن في لبنان لا يكون نجاح النائب أو فشله معيارا لمحاسبته، فالأحزاب تختار الأسماء والمحازبون ينتخبون بغضّ النظر عن سيرة المرشح الذاتية، يقول الخبير الانتخابي ​عبدو سعد​.

في هذه الانتخابات نجد ان أعداد المرشحين كبيرة جدا ولكن البرامج الانتخابية شبه غائبة وتُختصر بعدة نقاط تطبعها الأحزاب، وفيها تشديد على الالتزام بالدستور والقوانين، والسعي الجاد لبناء الدولة، وحل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحل مشكلة الكهرباء ومحاولة تحقيق النمو الاقتصادي وسداد العجز، واقامة مشاريع التنمية الشاملة والعادلة، و​اللامركزية الادارية​، الجديد اليوم هو دخول الملف النفطي على الخط، اذ باتت الأحزاب تتسابق للتحدث عن هذا الملف الاستراتيجي لأجل لبنان، الا أنها لا تتطرق الى كيفية تحقيق كل هذه الأهداف، ولا تتحدث عن مشروع واحد يُعتبر تطبيقه ممكنا في 4 سنوات.

ولكن المفارقة التي تميّز لبنان هي أن ​الحملات الانتخابية​ للأحزاب والمرشحين لا تقوم على اساس البرامج الانتخابية التي يُتحفون بها مسامع الناخبين بل على أساس الخطاب السياسي الطائفي والمذهبي والمناطقي، ومهاجمة المرشحين الآخرين بدل شرح المشاريع الانتخابية التي يجب أن يكون الاختيار على أساسها.

في هذا السياق يؤكد الخبير الانتخابي عبدو سعد ما ورد اعلاه، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن البرنامج الانتخابي في لبنان هو عبارة عن نصّ انشاء عربي، اذ لا أحد من المرشحين يمتلك مشروعا واضحا جديا لبناء الدولة، لافتا النظر الى أن البعض يتكلم عن جزء اصلاحي ولكن لا يوجد اي حزب في لبنان يحمل مشروعا متكاملا حول رؤيته الحقيقية للدولة وبنائها.

ويضيف: "عندما نقول برنامجا انتخابيا حقيقيا فيجب تحويل الأنظار الى الغرب حيث يطرح الحزب برنامجا واضحا ويتم جذب الاصوات على اساسه، ويقوم بتطبيقه كاملا أو على الأقل بمحاولة تطبيقه كاملا، اذ ربما يفشل الحزب الفلاني في أماكن وينجح في أماكن أخرى، ليتم على اساسه المحاسبة والتصويت في المرة المقبلة". ويشير سعد الى أننا في لبنان لا نزال نعيش مع مجتمع تقليدي جدا لم يتحول بعد الى مجتمع متطور، وبالتالي لا نجد الناخب مهتما بسماع البرامج الانتخابية أو السؤال عنها بعد الانتخابات.

ما أكثر المرشحين وما أقل "النواب"، فالنائب الذي لا يملك مشروعا لخدمة المواطنين يخسر صفة "النائب" ويكتسب صفة "محبّا للسلطة"، فمتى يتحول المجتمع اللبناني الى مجتمع مدني متطور؟.