بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، بدأت بعض الأوساط المحلية بالحديث عن أن الرياض أبلغت "الشيخ" ضرورة مراعاة حزب "​القوات اللبنانية​" في التحالفات الإنتخابية، لا سيما أن موفدها إلى لبنان، المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، كان قد أظهر حرصاً على الحزب خلال زيارته إلى بيروت في الشهر الماضي.

على الرغم من ذلك، لم تنجح الإتصالات، التي تولاها بشكل شخصي كل من وزير الثقافة غطاس خوري ووزير الإعلام ملحم الرياشي، بالوصول إلى إتفاق إلا في دائرتين إنتخابيتين، في حين أن المشاورات بالنسبة إلى العلاقة بين "الحليفين" رُحّلت إلى بعد ​الإنتخابات النيابية​، حيث من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة من المفاوضات مع إنطلاق عملية تشكيل الحكومة التي ستلي هذا الإستحقاق.

في هذا السياق، تفيد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المفاوضات كانت تشمل أكثر من دائرة إنتخابية، أبرزها زحلة والبقاع الغربي وبعلبك الهرمل وبيروت الأولى وصيدا-جزين والبترون-​الكورة​-بشري-زغرتا وعكار، في حين أن التحالف في دائرة الشوف-عاليه كان قد حسم مسبقاً بين "القوات" و"المستقبل" نتيجة تحالف الجانبين مع الحزب "التقدمي الإشتراكي".

وتوضح هذه المصادر أن التحالف بين الجانبين سيقتصر على دائرتي بعلبك-الهرمل وعكار، ففي الأولى تفرض المعركة السياسية ضد "​حزب الله​" في معقله الأساسي عليهما التحالف، لكن من المفترض إستكمال المشاورات من أجل إنضمام شخصيات شيعية إلى هذه اللائحة، حيث من المتوقع أن يكون أبرزها النائب السابق يحيى شمص، بينما بات من المستبعد أن ينضم "​التيار الوطني الحر​" إلى التحالف، خصوصاً أن المعركة في هذه الدائرة ستكون سياسية بالدرجة الأولى لا إنتخابية.

بالتزامن، تلفت المصادر نفسها إلى أن تيار "المستقبل" كان قد ترك، لدى إعلانه عن أسماء مرشحيه بشكل رسمي، المقعد الأرثوذكسي في دائرة عكار شاغراً، على أساس التفاوض عليه مع "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، لكن الخلاف حول المقاعد مع "الوطني الحر"، الذي كان يسعى إلى ترشيح كل من أسعد ضرغام عن المقعد الأرثوذكسي وجيمي جبور عن المقعد الماروني، أدى في نهاية المطاف إلى إنضمام مرشح الحزب مستشار رئيس "القوات" سمير جعجع العميد المتقاعد وهبي قاطيشا إلى اللائحة، في حين بات على التيار السعي إلى العودة إلى اللائحة التي تؤلفها قوى الثامن من آذار، أو تشكيل لائحة مع بعض القوى والشخصيات الأخرى.

بالنسبة إلى باقي الدوائر التي فشل فيها التحالف، توضح هذه المصادر أن إصرار "المستقبل" على ترشيح هنري شديد عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الغربي حسم خروج "القوات"، الذي يرشح إيلي لحود عن هذا المقعد، مع العلم أن التيار كان قد طلب من الحزب ترشيح شخصية عن المقعد الأرثوذكسي، في حين أن المؤشرات توحي بأن الفوز في المقعد الأخير شبه محسوم للنائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، في حال إنضمامه إلى لائحة التحالف بين رئيس حزب "الإتحاد" الوزير السابق عبد الرحيم مراد وقوى الثامن من آذار.

فيما يتعلق بالمفاوضات حول دائرة صيدا-جزين، تشير المصادر المطلعة إلى أن الفشل في المفاوضات يعود إلى أن "القوات" لديه مرشحاً عن المقعد الكاثوليكي في هذه الدائرة، هو عجاج حداد، بينما "المستقبل" يسعى إلى تعويض خسارته أحد المقعدين السنيين في صيدا بمرشح عن المقعد الكاثوليكي، الامر الذي أدى في السابق إلى تراجع المفاوضات التي كان يجريها مع "التيار الوطني الحر" في هذه الدائرة.

في دوائر زحلة وبيروت الأولى والشمال الثالثة، تلفت المصادر نفسها إلى أن أسباب فشل التوافق متشابهة، وهي تحالف "المستقبل" مع "التيار الوطني الحر"، ففي زحلة التفاهم مبرم، منذ ما قبل سفر الحريري إلى السعودية، بين "المستقبل" و"الوطني الحر" وحزب "الطاشناق"، والأمر نفسه ينطبق على دائرة بيروت الأولى، التي يتحالف فيها "القوات" مع وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون والنائب عن حزب "الكتائب" نديم الجميل ورجل الأعمال أنطون الصحناوي، في حين أنه في دائرة الشمال الثالثة كان رئيس "القوات" قد أعلن أنه لن يتحالف مع أي من القوى السياسية، في وقت يدعم "المستقبل" النائب نقولا غصن في الكورة، والأخير من المفترض أن ينضم إلى لائحة التحالف بين "الوطني الحر" ورئيس حركة "الإستقلال" ميشال معوض.

في المحصلة، لم تنجح المفاوضات، بين "الشيخ" و"الحكيم"، في الوصول إلى التحالف إلا في دائرتين فقط، فهل يكون لذلك تداعيات على العلاقة بين الجانبين على المرحلة السياسية التي ستلي الإنتخابات النيابية؟.