اعلن ​حزب الله​ على لسان امينه العام ​السيد حسن نصر الله​ برنامجه الانتخابي من 34 نقطة مقسمة تحت ثلاثة عناوين رئيسية، الإصلاح الاداري والسياسي، في السياسات المالية والاقتصادية، في السياسات الاجتماعية والتنموية، وجاء البرنامج شاملا لكل "المشكلات" التي يعانيها ​لبنان​، الا أن السمة الأبرز فيه وبكلمة السيد نصر الله هي الحديث عن ​مكافحة الفساد​.

خلال الإعلان عن البرنامج الانتخابي قال السيد نصر الله أن "من أخطر المسائل أن يستمر الهدر والفساد، اذ صار لزاما على الجميع أن يتعاطوا مع قضية مكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة بإعتبارها أحد اهم اسباب دفع البلد الى الكارثة واعتبار مكافحة الفساد اولوية مطلقة"، كاشفا أننا "سنشكل اطارا تنظيميا خاصا في "حزب الله" مهمته مواجهة الفساد والهدر، ونحن نلتزم ان نبقي تنظيمنا نظيفا وغير متورط في أي فساد، ومن لديه أي معطى فساد ضد "حزب الله" فليتقدم به، والمشارك في هدر وفساد سنحاسبه، ونحن مصممون بشكل قاطع على المحافظة على نقاء مسيرة الشهداء والتضحيات"، مؤكداً "أنني سأتابع إطار مكافحة الفساد شخصيا، لأننا أمام مرحلة خطرة".

لا شك أن الحزب قد وضع يده على "الجرح"، ورد على "صرخات" الناس المطالبة بالمحاسبة لكل الفاسدين والمفسدين الذين يختبئون خلف ستار الحزب والطائفة ويمارسون السرقات على حساب اللبنانيين. وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي ​حسام مطر​ أن أربعة أسباب تقف خلف توجه حزب الله، اولها "قراءته الحالية للوضع المالي في لبنان ومعاينته متجها نحو الهاوية بما يهدد الامن الاجتماعي والاستقرار ويمكن أن يتسبب بضياع جزء كبير من الانجازات الوطنية التي تحققت منذ التحرير عام 2000 حتى اليوم".

اما السبب الثاني فهو بحسب مطر متعلقا باستغلال الدول المعادية للبنان للأوضاع المالية الصعبة والفساد المستشري في الوزارات والادارات العامة، خصوصا وأن هذه الدول تستفيد من هذه المشاكل لتقييد المؤسسات وتكبيلها بشروط والتزامات تساهم بعملية القضم من سيادة الدولة وتؤثر على التوجه السياسي العام. ويضيف مطر في حديث لـ"النشرة": "السبب الثالث فهو بالطبع يتعلق بحجم الغضب في الشارع اللبناني مع العلم ان حزب الله لم يتلمس هذا الغضب اليوم، بل منذ عامين مع انطلاق التحركات الشعبية ووصوله للذروة اليوم مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي"، مشيرا الى أن الناس عبّرت عن غضبها وسخطها وطالبت الحزب بالتحرك وممارسة دوره السياسي الداخلي ولعبه هذا الدور بشكل فعّال أكثر من قبل".

واذ يؤكد مطر أن التحول في سياسة حزب الله ليس مفاجئا بل يأتي ضمن مسار متدرج بدأ عام 2005، يلفت النظر الى أن السبب الرابع هو نضوج أجهزة الحزب واكتسابه خبرة كافية ووافية في العمل السياسي الداخلي، مؤكدا أن لا علاقة لهذا التوجه بما قاله رئيس ​التيار الوطني الحر​ ​جبران باسيل​ سابقا عن أن الحزب لا يلعب دوره في بناء الدولة، مشيرا الى أن الحزب يتحرك وفق الظروف الخاصة به.

وفي نفس السياق تؤكد مصادر متابعة ان اللجنة الخاصة التي تحدث السيد نصر الله عن تشكيلها لمتابعة قضايا الفساد لن تكون محصورة بمنطقة او حزب او طائفة، بل ستكون مواجهة لكل أشكال الفساد الداخلي سواء في البيئة الشيعية او على المستوى الوطني. وتقول المصادر: "لن يكون هناك قيود على عمل اللجنة وستتابع كل ما له علاقة بأموال الشعب اللبناني وستسعى لمحاسبة الفاسدين من الخصوم والحلفاء، مشيرة الى أن مدى نجاح اللجنة في مهمتها يرتبط بشكل أساسي بجملة ظروف محلية وخارجية، متوقعة "أن تنشأ "ثورة مضادة" لتوجه الحزب.

بالاضافة الى كل ما سبق علمت "النشرة" من مصادر أن السيد نصرالله استقبل منذ أيام باسيل وتم الاتفاق على جعل محاربة الفساد أولوية، مشيرة الى أن حديث نصر الله عن هذا الموضوع جاء ليثبت الاتفاق بين الرجلين.

لا شك أن اللبنانيين سيشاهدون تجربة جديدة في مكافحة الفساد، تقول المصادر، مشيرة الى أن هذا الأمر سيترك أثرا جيدا وسيشجع القوى الإصلاحية على العمل بمزيد من الجرأة، فهل ينجح حزب الله في تجربته الجديدة ويقدّم صورة إيجابية للشعب اللبناني الذي فقد الأمل بـ"الشفاء" من مرض الفساد؟.