من يتابع تطورات المعركة الإنتخابية في دائرة ​طرابلس​-​المنية​ و​الضنية​، يصل الى قناعة من إثنتين فيما يتعلق بالمجموعات التي تطلق على نفسها إسم ​المجتمع المدني​:

إما أن هذه المجموعات تهوى الخسارة لا الربح وهي تشارك في استحقاق السادس من أيار المقبل بهدف المشاركة فقط لا أكثر ولا أقل، وإما أن الناشطين في هذه المجموعات لا يدرون ماذا يفعلون.

على هذا الصعيد يقول خبير قانوني إن "المشكلة لدى ناشطي المجتمع المدني هي أنهم يريدون جميعاً دخول الندوة البرلمانية ومن التجربة الإنتخابية الأولى لهم في صناديق النيابة".

عندما حققت لائحة اللواء أشرف ريفي المدعومة من المجتمع المدني فوزاً كاسحاً في إنتخابات طرابلس البلدية منذ عامين، حصدت ما حصدته من أكثرية لسببين: الأول بسبب توحّدها ضمن لائحة واحدة ألا وهي لائحة ريفي، والسبب الثاني يعود الى الكمّ الهائل من الأخطاء التي إرتكبتها لائحة الأحزاب والتيارات السياسية على صعيد إدارة المعركة. أما اليوم فكل شيء تغيّر في عاصمة الشمال، فلا المجموعات المدنيّة حافظت على وحدتها ولا الأحزاب والتيارات على فوضويتها في إدارة المعركة. وفي هذا السياق يسأل مصدر متابع "هل تتوقع المجموعات المدنية تحقيق الفوز ولو بمقعد واحد وهي تعمل على تشكيل ثلاث لوائح؟ وهل تعتقد هذه المجموعات أنها تملك فائض قوة من الأصوات، يسمح لها بتشكيل لائحة أولى برئاسة الدكتور جمال بدوي، عرّاب الفوز البلدي للائحة ريفي، وثانية من مكونات تحالف "وطني" وعلى رأسها ​حزب سبعة​ ومجموعة قاوم، إضافة الى لائحة ثالثة برئاسة النائب السابق ​مصباح الأحدب​"؟.

تشتت الأصوات هذا وتوزيعها على ثلاث لوائح وإن أدى الى شيء فإلى عدم تمكن أي لائحة من اللوائح من تأمين الحاصل الإنتخابي ما يعني حكماً خروجها من السباق فوراً بعد إقفال صناديق الإقتراع وانتهاء عملية إحتساب الحاصل الإنتخابي.

أضف الى ذلك فما سيجعل هذه المجموعات غير قادرة على تحقيق الخرق، هي الفوضى في إدارتها للمعركة وعدم تنظيمها ضمن ماكينات إنتخابية قادرة على فرز الناخبين، وتوزيع الأصوات التفضيلية كما يجب، إضافة الى إجراء "بوانتاج" دقيق يحدد القوة التجييرية لكل لائحة. في المقابل، تعمل لوائح الأحزاب والتيارات السياسية ضمن ماكينات منظمة وقد خصصت لهذه المعركة مبالغ مالية لا يمكن تقديرها لتأمين ما يلزم من أمور لوجيستية. وفي هذا السياق يعتبر المتابعون لتطورات المشهد الإنتخابي في طرابلس، أن نسبة الأخطاء لدى هذه الماكينات تراجعت كثيراً عما كانت عليه في الإستحقاق البلدي، والسبب أن كل فريق اليوم يتكل على نفسه لتنظيم ماكينته، الأمر الذي لم يكن موجوداً في الإستحقاق البلدي يوم عملت هذه الأحزاب ضمن ماكينة واحدة. فل​تيار المستقبل​ ماكينته الإنتخابية المنظمة والتي تتولى إدارة المعركة، كذلك أطلق رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ ماكينة ​تيار العزم​ التي تملك الكثير من الخبرات. أيضاً من ضمن الماكينات التي لا يستهان بها، والتي من المتوقع أن تحقق نتيجة ما في الإستحقاق، تأتي ماكينة تحالف الوزير السابق فيصل كرامي-النائب السابق ​جهاد الصمد​ وتيار المرده، هذا من دون أن ننسى ماكينة اللواء أشرف ريفي.

لكل ما تقدم، يصل المتابعون لما يحصل الى قناعة ثابتة مفادها، من يريد الحصول على مقاعد في دائرة كبيرة كطرابلس المنية والضنية عليه أن ينظم ماكينة انتخابية قوية وهذا ما قام به تيار المستقبل وميقاتي وريفي وتحالف كرامي-الصمد-المرده، وما لم تهتم به أبداً مجموعات المجتمع المدني التي تعتقد أن الإنتخابات تدار فقط بتقديم الترشيحات وبأخذ الصور التذكارية للوائح، وبإعطاء الأحاديث التلفزيونية والصحافية التي تتهم السلطة بالفساد وبهدر المال العام!.