قبل ان يصل الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ الى سدة الرئاسة، بدا الود في اعلى درجاته بينه والرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​، ولكن هذه العلاقة لم ترق للمسؤولين الاميركيين الذين ركّزوا عليها وبدأوا العمل على تخفيفها تمهيداً لقطعها بشكل كلّي.

ومع مرور الوقت، زادت حدة الضغوط على ترامب، وبدأت العلاقة بين ​الولايات المتحدة​ و​روسيا​ تسير على حبل رفيع لا يمكن التنبوء بمدى خطورته، الا ان العلاقة بين الرجلين لم تنقطع ولم تتأثر حتى مع وصول التوتر بين بلديهما الى مستوى لم يسبق له مثيل منذ انهيار ​الاتحاد السوفياتي​. يقوم المسؤولون الاميركيون بكل ما يمكن من اجل هدم العلاقة بين ترامب وبوتين، وبالاخص بعد فوز الاخير بولاية رئاسية رابعة جعلته دون شك، الرجل الاقوى في روسيا، مع كل ما يعنيه ذلك من خطط كان وضعها سيعمل على استكمالها، وهو امر لا يحبّذه الاميركيون، فيما لا يجد فيه ترامب اي خطر.

اللافت في الموضوع انه، وعلى الرغم من كل الملفات التي تم ربطها ببوتين ان في الولايات المتحدة او غيرها، والتي من شأنها ان تجعل ترامب يبتعد عن صديقه الروسي، الا ان الرئيس الاميركي اتخذ منحى آخر فهو يبتعد حيناً ويقترب احياناً، حتى انه عارض كل الاستشارات والآراء التي حثّته على عدم تهنئة بوتين، لكنه ذهب الى ابعد من ذلك عندما اتفق الرجلان خلال اتصال بينهما، على ان يتولى كبار الدبلوماسيين تحديد موعد للقائهما.

تبدو المسألة وكأنها علاقة حب محرّمة حيث اهل احد الحبيبين غير راض عما يحصل، واذا تم التوقف عند بعض الهواجس التي تراود الاميركيين، فيمكن عندها فهم القلق السائد. مؤيدو ترامب في ​الادارة الاميركية​ (وهم قليلون)، يتفقون مع معارضيه (باتوا اكثرية) على ان روسيا دولة مثيرة للقلق بالنسبة الى الاميركيين وتشكّل خطراً عليهم، وان التقارب بين ترامب وبوتين من شأنه ان يزيد هذه المخاوف، ويرتد سلباً على صورة الرئيس الاميركي الذي يحتاج الى رفع شعبيته، لا الى انخفاضها. اضافة الى ذلك، فإن ما يتعرض له بوتين من اتهامات وآخرها الضلوع في تسميم جاسوس روسي سابق في ​بريطانيا​، جعله تحت المجهر واي تقارب معه قد يكون سلبياً للاوروبيين، وبمثابة رسالة غير مشجعة لهم.

ومن وجهة النظر نفسها، وليس من المستحب ان يوطّد ترامب علاقته ببوتين في ظل استمرار التحقيقات الاميركية الجارية حول دور الرئيس الروسي في التأثير على ​الانتخابات الرئاسية​ الاميركية، وقد قطعت هذه التحقيقات شوطاً كبيراً وهي باتت اكثر حدة، وساهمت في رد فعل عنيف من ترامب ادى الى اقالة الكثير من المقربين اليه، وهو لا يزال حالياً تحت الضغط في هذه المسألة، ولن يساعده بطبيعة الحال، ان تتم مشاهدته جنباً الى جنب مع المتهم الرئيسي في هذه العملية.

واقع الحال يشير الى ان الاميركيين يسيرون في مسار الابتعاد عن بوتين، فيما ترامب يسير في الاتجاه المعاكس، وهو وان وافق على مضض على بعض الاجراءات المناهضة لروسيا، الا انه متمسك على ما يبدو بعلاقته برئيسها، ويعمل على توطيدها قدر الامكان ورغم التحديات. الرهان كبير، والضغوط اكبر، فكيف ستنتهي هذه العلاقة ومن سينتصر فيها؟ وهل صحيح فعلاً ما يتردد عن دور روسي اساسي في مساعدة ترامب في مواجهة مسائل خارجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشكلة ​كوريا الشمالية​، وهو احد الاسباب الرئيسية التي تجعل الرئيس الاميركي اكثر تعلّقاً بنظيره الروسي؟ لن تكون الايام المقبلة كافية للاجابة على هذه الاسئلة، بل قد يستغرق الامر عدداً من الاشهر لتتضح بعدها الصورة النهائية لما ستؤول اليه التطورات والاحداث، فإما تتعزز قدرة ترامب بعدها، واما تخف شيئاً فشيئاً فيتحول الى رئيس ضعيف.