قبل يومين من إنتهاء موعد تسجيل اللوائح بشكل رسمي في ​وزارة الداخلية والبلديات​، يبدو أن تيار "المستقبل"، على عكس ما كان يُقال في الفترة السابقة، سيكون مرتاحاً في خوض الإنتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، ومن المفترض أن يحافظ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على المرتبة الأولى في الساحة السنية، في حين أن عدد أعضاء كتلته النيابية لن يتراجع إلى حد غير المقبول.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى العديد من العوامل التي ساعدت الحريري في هذا الإستحقاق، أبرزها حسم المملكة العربية ​السعودية​ موقفها بالوقوف إلى جانبه، بعد أن كان البعض يتحدث عن أنها قد تخوض مواجهة ضده على خلفية ما حصل بعد إستقالته الملتبسة من الرياض، لافتة إلى أن هذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى أنها لم تجد أي شخصية في الشارع السني يمكن الإعتماد عليها في هذا المجال، بالرغم من أنها لم تقطع علاقاتها مع بعض القوى والشخصيات التي لم تخرج من الإطار المناطقي الخاص إلى الإطار الوطني الجامع، إلا أن مصالحها تفرض الإستمرار بالتنسيق مع الحريري، ومصالح الأخير تفرض الأمر نفسه أيضاً.

وتوضح هذه المصادر أن ما حصل على مستوى التحالفات في هذه الساحة يؤكد هذا التوجه، لا سيما بعد أن أعلن النائب ​خالد الضاهر​ خروجه من المعركة الإنتخابية في دائرة عكار، بعد أن كان أول من أعلن مبايعته ​بهاء الحريري​ في حال طلبت السعودية ذلك، بالإضافة إلى نجاح رئيس الحكومة في توجيه أكثر من ضربة إلى جهود وزير العدل السابق ​أشرف ريفي​ بالتوسع خارج دائرة طرابلس-المنية-الضنية، في حين أن الخلافات بين "​التيار الوطني الحر​" وقوى الثامن من آذار في عكار لن تسمح لهما إلا بالخرق في مقعدين فقط من خارج المقاعد السنية الثلاثة.

بالتزامن، ترى هذه المصادر أن قوى الثامن من آذار لم تظهر أي نية في خوض مواجهة مع تيار "المستقبل" في أي دائرة، بل على العكس من ذلك سهلت عليه المعركة في أكثر من مكان، وتوضح أن هذه القوى، على سبيل المثال، لم تذهب إلى تشكيل لائحة في دائرة بيروت الثانية قادرة على المنافسة إلا على مقعد سني واحد بالإضافة إلى المقعدين الشيعيين، في حين أنها في ​البقاع الغربي​ وراشيا لم تعمد إلا لترشيح رئيس حزب "الإتحاد" الوزير السابق ​عبد الرحيم مراد​ عن أحد المقعدين السنيين، بينما من المرجح أن يخسر التيار مقعداسنيا يذهب إلى أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" ​أسامة سعد​ في دائرة صيدا-جزين، على الأغلب سيعوضه من خلال الفوز بالمقعد الكاثوليكي في هذه الدائرة، بينما هو سيكون قادراً على الفوز بأحد المقعدين السنيين في دائرة بعلبك-الهرمل.

من وجهة نظر هذه المصادر، الحريري سيكون قادراً، بعد الإنتهاء من المعركة الإنتخابية، على الفوز بما يقارب 25 نائباً، بعد أن كان كتلته في السابق تضم 34 نائباً، في حين أن عدد المقاعد السنية التي ستكون من ضمن كتلته قد يصل إلى 16، وبالتالي سيكون هو الكتلة السنية الأكبر في المجلس النيابي، الأمر الذي يرجّح عودته إلى رئاسة الحكومة بكل سهولة، خصوصاً في ظل تفاهمه مع "التيار الوطني الحر" على هذا الأمر لجهة الإتفاق السياسي بينهما على تبني ترشيح رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ في الإستحقاق الرئاسي.

في المحصلة، بات محسوماً تراجع عدد أعضاء كتلة "المستقبل" النيابية في الإستحقاق المقبل، لكن هذا التراجع لن يؤثر على زعامة الحريري على المستوى السنّي، ولا على واقعه السياسي.