يمكنك صناعة الأمل عندما يشتد الألم ويطوقك تماماً، ولو حفرت بالإبرة بحثاً عنه في تنظيف ذاتك من الداخل وتحفيزها للحياة، وإلا فلنطرح سؤالين:

أين كنا جميعاً لو بقي آدم فاقداً الأمل هائماً، بعد خروجه من الجنة؟

أين كنا لو لم ينفخ في أذنه ولم تحثه حواء على النهوض فتمسك بيده للسير بحثاً عن الآمال في اجتياز وعورة الأرض وغمار البحار والمحيطات، وها هما مع ذراريهم من شعوب الأرض يحلقان اليوم في الفضاء؟

تحت شعار: «صناعة الأمل»، أضاء سفير ​الإمارات​ العربية المتحدة محمد الشامسي (مساء 17 مارس/‏آذار 2017) صخرة الروشة في ​بيروت​، تحقيقاً للإعلان الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله.

لست بحاجة لأن أشعل المصباح أكثر وقد تجلى في وجوه من تحلّقوا قبالة الصخرة لتقرأ في صفحاتهم الرضية فصل الأشقاء بين بيروت ودبي، والإمارات و​لبنان​ الطافح بتحفيز العلاقات وتطويرها وجعلها آمالاً على أبواب الصيف المبكر هذا العام، لنعود ونستقبل الأشقاء في حقول اللوز الأخضر والعنب والتين.

يكفيك النقر على الباب:www.arabhopemakers.co ليشرح لك فكرة أو مؤسسة «صناعة الأمل». تتعرف عملياً إلى تسليط الأضواء على الأفراد والهيئات والمؤسسات الصانعة للآمال والخير في الأرجاء: يكفي لكل عربي أو مقيم في دولة عربية يتهادى عمره بين ال5 وال95، أن يفوز بلقب «صانع أمل» ويحصل على جائزة مالية.

لقد أصابها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:

1 أصابها في اختيار مكانها لبنان، وتحديداً صخرة الروشة التي ظهر أهلها وكأنهم قد نسوها معلماً تاريخياً مفتوحاً على العالم، ينافس العلم والأعلام والإعلام. روجت وأوصلت قيادة الإمارات مبادرتها إلى العربي في العالم من لبنان، فيستفيد منها اللبنانيون والمقيمون في لبنان.

لطالما بلغ اليأس الذرى في نفوس اللبنانيين، وطاف بأحاديثهم عبر شاشاتهم الصريحة في المحيط. تبعثرت الديمغرافيا في أرجاء الوطن العربي والعالم، في أعقاب ما يسمى «الربيع العربي»، الذي لم يخرج بدمائه إلى صيفه. ذكرنا وأيقظنا بأن أملاً في العالم نسيناه أو فقدناه، مرتبط بالإيمان والرجاء، ولو تلذذنا بالغرق في بحر من التلطيم.

وقال لنا إن لبنان ما زال نبعاً وبقعة أمل من صخوره وجباله، حتى ولو أوقع اللبنانيون أحاديثهم في الخوف والانكسار والشكوى والقنوط وتعظيم الفراغ واليأس، والنقد والإفلاس والهوان، وغيرها من المصطلحات السلبية التي تناهض الحياة.

2 أصابها الشيخ محمد بإحياء مضمونها الإنساني، حيث البشر إيمان ورجاء. تلك الفكرة/‏المبادرة الحضارية تليق بعصر الانتحارات البطيئة والحروب و​الفقر​ والعوز والجوع.

تكاد تلك الفكرة أن تحك حلماً وعراً في الأرض، منذ حلول الحضارة الصناعية والتكنولوجية التي لم تخرج الإنسان من أحزانه المتراكمة، ولم ترشد البشرية إلى مواءمة وسلام وتوحيد.

صحيح أن الناس صاروا من فصائل الشاشات الزجاجات المتنوعة الأشكال والأهداف والأوهام في التواصل الاجتماعي، لكنهم يقعون أكواماً في حفر «الإنسان ذي البعد الواحد»، الذي أحسن في الكتابة عنه المفكر الإنجليزي كولن ولسن.

الأمل غير الرجاء الحافل بالانتظار، ولا قيمة للأمل إن لم يولد عملاً وحركة؛ لأنه يذوي ويفرغ من محتواه ولا يعود القاعدون في مطارحهم يعولون عليه. الأمل باب يطلق الرغبة في التفكير والحركة والتغيير، ليشحن بها القدرات والعزائم ويهذبها لتتحول إنجازاً وتجديداً وفعالية، في تغيير الواقع الحافل بالسلبيات إلى درجة اليأس الكامل. وهناك أمثلة تملأ العالم.

3 أصابها الشيخ محمد في زمانها، حيث يستغرق غالبية اللبنانيين في الربيع الخجول، وعيد الأمهات الدامع، والنازحين و​المهاجرين​، وطغيان ​الفساد​ والإفساد والتضخم المقلق للديون، والجنوح الغريب نحو الجرائم، والضجيج المقلق بأن لا ماء في لبنان، ولا كهرباء ولا تعليم، ولا استشفاء ولا ضمان شيخوخة، ولا خدمات حياتية، ولا مواصلات ولا اتصالات، و​النفايات​ في الشوارع والبحر ولا فرز أو تدوير، و​البطالة​ تنهش مستقبل الأجيال، والزعماء يختلفون على الحصص من دون مصالح اللبنانيين.

ومقابل هذا المناخ اليائس يشهد لبنان أمل التجديد في ​الانتخابات​ البرلمانية المقبلة. مشهد ديمقراطي قد يعيد الآمال في التغيير مهما كانت نتائج التغيير المنتظرة في هذا الاستحقاق العريق. إن ما يشهده لبنان من ضجيج ودفق نسائي وشبابي نحو التجديد، يمنح المستقبل عنواناً حافلاً بالأمل، بتخطي الأزمات المالية والاقتصادية المقيمة تحت الوسائد.