في الناصرة الربيع أخذ يغمر الحقول والتلال والزهور تملأ الارض. والناصرة بلدة جميلة وادعة تسكن فيها عذراء جميلة اسمها مريم تصلي ليرسل الله قدوسه وتكون هي الفتاة المختارة والنقية المصطفاة بين النساء. وهي أنقى وأطهر نساء العالمين لأن الله اختارها من بين جميع النساء. وهي البتول والعذراء التي تتشفّع فينا وهي ممتئلة نعمة.

الملاك جبرائيل والعذراء مريم (لوقا 1:26/ 38)

الملاك جبرائيل القائم أمام الله القدير أصدر الله له أمراً ليذهب مبشراً بعمّانوئيل، ​يسوع المسيح​ مخلّص العالم وانطلق الملاك حاملاً عصا الطريق آتياً الى الناصرة الى عند البتول الطاهرة دخل وانحنى وسلّم: السلام عليك يا مريم، خافت العذراء وهي وحدها في المنزل من أين أتى ودخل هذا الرجل الغريب وتوجّست شراً يصيبها، فسارع وقد عرف ما يجول في قلبها وقد أخذت ترتعد، لا تخافي يا مريم، لأنك وجدت نعمة عند الله. وانا جبرائيل رسوله، ارسلني اليك لأقول لك هذه البشارة: ها انت تحبلين وتلدين ابنا، وتسمّينه يسوع وهو يكون عظيماً وابن العلي يدعى. ويعطيه الربّ الاله عرش داوود ابيه، فيملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية، فازداد اضطرابها فقالت مريم: كيف يكون هذا وانا لا اعرف رجلا وانا مخطوبة لرجل اسمه يوسف. فأجاب الملاك وقال: "الروح ​القدس​ يحل عليك وقدرة العلي تظللك. ولذلك فالقدّوس المولود منك يدعى ابن الله وها ان اليصابات نسيبتك قد حملت هي ايضا بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك التي تدعى عاقرا: "لأنه ليس على الله امرا مستحيلا".

وانتظر الملاك قلقا جوابها والبشرية تصرخ مع القديس برناردوس: اسرعي قولي نعم! قولي نعم! فقالت مريم: "ها انا امة الرب فليكن لي بحسب قولك" وَحَنت رأسها وغطَّت وجهها بيديها وهي تمسح دموعها: كيف ستشرح كل هذا ليوسف خطيبها.

العذراء قلقة ويوسف مشتاق

وانصرف من عندها الملاك وهي بقيت في حيرتها بالرغم من تسليمها ذاتها لارادة الله ترتجف وترتعش وتتصبب عرقا: كيف ستخبر أهلها بذلك؟ كيف ستقنع يوسف بكل ما جرى وقامت وهي تضع يديها على أحشائها وتتمتم: ابني يا الهي ساعدني، ودعت اهلها وخطيبها بصمت وحيرة وذهبت الى عند اليصابات لتساعدها في حملتها.

يوسف يشتاق ويحنّ الى خطيبته الجميلة النقية مريم، وينتظر عودتها من عند خالتها اليصابات لكن الله بحكمته ورحمته يدبّر كل شيء.

يوسف البار ينام ويفكر ويحلم. لان الحمل بان على مريم قبل ان يسكنا معا. فقرر يوسف بن داوود ان يطلقها سرا وما ان فكر في هذا حتّى ظهر له ملاك في حلمه يقول له يا يوسف لا تخف ان تأخذ مريم امرأتك، فالمولود منها هو من الروح القدس، "وسوف تلد ابنا تسميه يسوع لانه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم".

"وجدت هذا كله ليتم ما قاله الرب بالنبي: "ها ان العذراء تحمل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانوئيل، اي الله معنا وهنا تظهر عظمة يوسف رجل الصمت والاصغاء والسترة والطاعة ولمّا قام يوسف من النوم، فعل كما أمره ملاك الرب فأخذ مريم امرأته ولم يعرفها فولدت ابنا اسمه يسوع" (متى 1/18).

كينونة الحيرة والخوف والقلق في انتروبولوجية التساؤل الانساني والاتكال على الله والايمان بكلمته والطاعة له في تيولوجية الكائن الانساني. وهكذا كانت ​مريم العذراء​ امرأة لها وضع اجتماعي وانساني وانتروبولوجي ولها ايمان تيولوجي لاهوتي الايمان بكلمة الله وعنايته.

عذراء القرآن

وفي قراءة ازائية لنص البشارة كما ورد في ​القرآن الكريم​ في سورة مريم الأم أو سورة آل عمران 69/41-64 الملاك يبشر المصطفاة مريم والمطهرة والمصطفاة على نساء العالمين. ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين. ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين.

تصارع انتربولوجي وتيولوجي

ارتبكت الصبية الجميلة العذراء المنذورة لخدمة الرب في الهيكل. كيف ظهر عليها هذا الرجل الغريب المتمثل ببشر سويّ وفزعت منه وتوجست شرا وهو روح مرسل من الله، وقالت: اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً. خافت على عذريتها وبكارتها من هذا الغريب، فقال لها: انما انا رسول ربّك لأهب لك غلاما ذكياً. فازداد ارتباكها وكبرت حيرتها وهتفت: أنّ يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكن بغيّا.

فأجاب الملاك قائلا يهدئ روعها: كذلك قال ربك هو هين على هين. ولنجعله آية للناس ورحمة منها. وكان امرا مقضيّا فحملته فانتبذت به فكان قصيا. ابتعدت خجلا وحياء، ماذا ستقول لاهلها عن حبلها وحملها؟! وحيدة هي تلك العذراء الجميلة التي لم يذكر القرآن امرأة سواها وقد ذكرها لاكثر من 38 مرة وفاجأها المخاض الى جزع النخلة.

قالت: يا ليتني متّ قبل هذا وكنت منسيا... واتت به الى أهلها: ويحك مريم فما كنت بغيا فقالت كلمّوه. اسألوه هو: أنا لا أعرف كيف حدث هذا واحمر وجهها خجلا ونزلت دموعها. فقالوا لها أجننت! كيف يتكلم من كان في المهد صبيا. وحدثت المعجزة الكبرى وتكلم الصبي في المهد: والسلام عليك يوم ولد ويوم مات ويوم قام حيا.

النصّان جميلان جداً ويتشابهان في بنيتهما السرديّة والنصيّة والبنويّة وعناصرهما من الحكاية والواقعة وعناصرهما وهما سيكونان المرتكز والاساس لالتقاء شاب ماروني وشيخ سني في باحة مدرسة الجمهور للآباء اليسوعيين ليعيدا البشارة سوية.

شيخ سني وشاب ماروني يصليان معا لمريم

الشيخ محمد النقري يفكر ويتساءل ما الذي يمنع ان يصلي المسيحي والمسلم معا لمريم العذراء، والشاب الماروني يفكر ما معنى ان يحلم ويرى في ساحة مدرسة الجمهور أيادٍ ترتفع سوية من جميع الطوائف نحو السماء، ناجي الخوري والشيخ محمد النقري قررا ان تجمعهما مع غيرهما من المسلمين والمسيحيين مريم العذراء لأن "الام بتلم". وكان أول احتفال مسيحي اسلامي في مدرسة السيدة الجمهور وكانت مشهدية رائعة نقلتها تلفزيون تيلي لوميار ونورسات مباشرة وتتشابك مرتفعة ايادي الكهنة والمشايخ تصلي مكرمة للعذراء وطرحت فكرة أن يكون 25 آذار عيدا وطنياً.

وتحمّس للموضوع الوزير السابق الصديق ميشال اده والدكتور محمد السماك أمين عام اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي والوزير السابق ابراهيم شمس الدين، رئيس اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي والاب فاضل سيداروس والامير حارس شهاب وأقر رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة هذا اليوم عيدا وطنيا، لكن دون تعطيل وحتى أتى يوم وكان يشارك في القضية الدكتور داوود الصايغ والشيخ سعد الحريري رئيس الوزراء، فخرج الوزير السابق طارق متري سنة 2010 واعلن 25 آذار عيدا وطنياً، وهو يوم صلاة ولقاء وحوار وثقافة ومحبة بين الاديان وعلامة فارقة وفريدة للعيش المشترك في لبنان، حتى ان هذا النهار المبارك 25 آذار سيعقد نهار الاثنين 26 آذار في القصر الجمهوري وبحضور ورعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حمته العذراء وقد انتشر هذا العيد في جميع بلاد العالم.

من بولندا مع الرئيس ليش فاليسا الى المانيا، فايطاليا وبلاد الانتشار، نعم نستطيع أن نصلي معا. مريم العذراء وحدت اللبنانيين وجعلت من لبنان حقا بلد الرسالة كما قال عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وبلد حوار الحضارات وتلاقي الاديان والثقافات كما كتب عنه ميشال شيحا وشارل مالك والاب ​يوسف مونس​ وشارل حلو والاب اليسوعي سليم عبو في اطروحته العميقة والشاملة وغيرها الكثير من المفكرين والعلماء. فاجعلي يا عذراء لبنان مركزا عالميا للحوار والحضارات. وتحقق تساؤل الشيخ محمد النقري الذي ابتدأ معه من اطروحاته من يوم كان في فرنسا حتى وجوده في لبنان شيخا سنياً منورا ومحاولا ومصليا مع الاخرين في وطن قبول حق بالافتراق وبالاختلاف.

طرحة العذراء مريم زنّرت الوطن وحمته وحمت أهله من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، فهي أرزة واقفة حارسة الابواب والناس ولها معا نصلي طالبين شفاعتها.

في النهاية اتساءل هل يخلو عنق من ايقونة لها أو بيت من مذبح لها أو أصابع من مسبحة لها؟ هل تخلو تلة من تلال لبنان أو طريق أو ساحة من وجود لها. انها الحاضرة الضارعة الحامية الساهرة التي قدمت الله من احشائها المباركة. صلاتها وشفعاتها معنا الان وكل آوان والى نهاية الازمان أمين.

وانا احب خاصة صورتها المنمّشة الوجه في كنيسة سيدة الشبانيّة انها سيدة العرش الفريدة المنمّشة الوجه الام الجميلة لها حبّي وصلاتي ودعائي.