اعتبر رئيس ​المجلس العام الماروني​ الوزير السابق وديع الخازنأن المؤشّرات التي بدت مع إعلان العودة للبحث في الإستراتيجية الدفاعية على لسان رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، والثقة المطلقة التي يمحضها أمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ للرئيس عون، فضلاً عن رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بعد الإنتهاء من إعلان نتائج الإنتخابات النيابية، "لا تنطلق من فراغ، لأن ما يحدث في إطار أوسع في المنطقة سوف يحدّد أهمية العودة إلى تسوية داخلية تنطلق من عوامل إقليمية متفاهَم عليها بين قطبَي الصراع "البارد" من فوق، و"الناري" من تحت، أي ​أميركا​ و​روسيا​"، مرجحا ان "يتبلور ذلك بشكل سياسي ودبلوماسي بعد الإنتخابات الروسية والإنتخابات الإقليمية في ​لبنان​ والعراق، لاسيما بعد الحديث الأميركي الأخير مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأميركية".

وشدد الخازن في حديث لـ"النشرة" على أن "بقاء السلاح في يد المقاومة أمر بعيد عن نطاق البحث الآن طالما أن ​إسرائيل​ ما تزال تحتلّ شبرًا من الأراضي اللبنانية، لأن سلاحها كفيل بردع إسرائيل عن المغامرة للبقاء في أرضنا وتهديدنا بثرواتنا الغازية والنفطية في مياهنا الإقليمية"، لافتا الى ان "أي ضربة أميركية توجّه على سوريا تعني التمهيد للحل السياسي مع روسيا على رسم عوامل النفوذ وحدوده في ​الشرق الأوسط​". وقال:"لا أعتقد أن من مصلحة الشريك المقاوم في لبنان أن يفتح جبهة الرد، لأنها تلحق ضررًا فادحًا على أي حرب مفتوحة فاتكة ومدمّرة على الجانبين. فالصورة المتّضحة حتى الآن هي مقاربة التوازن الميداني في تعديل لموازين القوى العسكرية وصولاً إلى التسوية السلمية التي لا بدّ وأن تتحكّم بمنطق التوازن الإقليمي نتيجة التوازن الدولي في نهاية الأمر".

التعطّش لإحداث تغيير

وتطرق الخازن لملف الانتخابات النيابية اللبنانية، فقال:"في عادة الإنتخابات النيابية السابقة، أن يحمى وطيس الإستعدادات لها قبل إجرائها، فكيف بقانون نسبي جديد يلحظ الصوت التفضيلي، الذي له فعل التأثير في شق مفهوم المحادل الإنتخابية"، معتبرا انه "لولا ذلك، لَما حدث ما يشبه "اللخبطة" في مسألة تشكيل اللوائح وفق القواعد التقليدية الموالية أو المعارضة". وقال:"لقد شهدنا "بروفه" على نطاق مصغّر في مرحلة الإنتخابات البلدية، وخصوصًا في بيروت العاصمة، وفي طرابلس عاصمة لبنان الشمالي. وبرغم الفارق بين إنتخابات بلدية، ونيابية أشمل لكل لبنان، إلاّ أن العبرة تبقى في التعطّش لإحداث تغيير بعدما أدّى التمديد لثلاث مرات للمجلس النيابي الحالي إلى التهامل والكسل والتهرّب من مسؤولية المساءلة النيابية، التي هي برهان التسديد الديمقراطي للفوضى والتسلل من خلالها إلى مكامن الأعطال في الدولة".

ورأى الخازن أن"حدّة الخطاب السياسي منذ أن باتت الإستعدادات الإنتخابية بحكم المقرّرة، وهي لا بد وأن تستمر حتى الموعد الأخير الذي حدّد فترة الإنقطاع عن الدعاية الإنتخابية قبل إجرائها في ​6 أيار​ المقبل".

روما البداية المتواضعة

وأشار الخازن الى ان ​مؤتمر روما​، "إعترف بأكثريته المُجتمعة، والتي تخطّت الأربعين دولة ما بين أجنبية وعربية، أن لبنان يستحق العون على الدور العالي الذي سجّلته قواته المسلّحة وأجهزته الإستخباريّة في كشف وتعطيل مفاعيل النشاط الإرهابي، وطرده من على حدوده المفتوحة مع الجوار الملتهب"، معتبرا أن "الآمال المعقودة لم تكن على مستوى التوقّعات التي ترقّبها لبنان في المساعدة العسكرية". وأضاف:"لكن ومهما يكن من أمر، فإنها بداية متواضعة إن تفعّلت بعامل المتابعة في الوصول إلى ما نطمح إليه من دعم دولي".

ورأى الخازن أن "مؤتمر "سيدر"، الذي يرتبط طابعه بالمساعدات والهبات والقروض الميسّرة والمخفّضة الفوائد، فهو المعوَّل عليه لتقديم جرعات سريعة للإقتصاد اللبناني الذي تهالك نتيجة التجاذبات السياسية وعوامل ​الفساد​ المستشري في الإدارات العامة، التي ساهمت في تعطيل الحياة الإقتصادية ودفعها إلى حافة الهاوية". وقال:"من هذا المنطلق لا يمكن القول أننا سنؤمّن شروط نجاح مؤتمر "سيدر" في باريس ما لم نباشربطرح الإصلاح الحقيقي من باب إستئصال الفساد والهدر في أسرع وقت ممكن، لئلاّ نقع بخيبة أمل موجعة في مواجهة الدول المشتركة في المؤتمر كي لا نصوّر أنفسنا نضحك عليهم ليضحكوا علينا".

ورجح الخازن أن يكون مؤتمر "سيدر" مختلفاعن مؤتمر "روما"، "كون فرنسا، المُندفعة أصلاً لنجاحه الأوسع، فضلاً عن الإستعداد الإيجابي الذي عاد ليسود في العلاقات اللبنانية-السعودية خصوصًا، والخليجية عمومًا، فإن ذلك ينبئ بأن تكون النتائج على قدر معظم الآمال المعقودة عليه، لأن لبنان لا يمكنه الصمود في إستقراره الأمني والسياسي بالمساعدات المعنوية، وإنما الإقتصادية، لأنه يتحمّل أعباء نزوح سوري يفوق معدّل كل المقاييس والمعايير الدولية لأي نزوح آخر، وبالأخص لِما لهذا النزوح من تأثيرات سلبية على الدول الأوروبية عند تحوّله إلى كرة إرهابية متدحرجة في شوارعه. وهو الأمر الذي لا بدّ أن يلقى صداه في مؤتمر "بروكسيل" المخصّص تحديدًا لمعالجة تداعيات هذا النزوح".