منذ اب 2014 تاريخ انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية اللبنانية وتسلمه منصبه في ايلول من العام نفسه خلفاً للمفتي محمد رشيد قباني، تجاوزت دار الفتوى مع المفتي دريان اكثر من "قطوع" وطني وسياسي وسني من استفحال الازمة السورية الى ملف العسكريين المختطفين لدى النصرة الى العسكريين الشهداء بايدي الارهابيين بداعش وصولاً الى معركة عرسال وجرودها وهيئة علماء المسلمين وليس انتهاء بأزمة الرئيس سعد الحريري الاخيرة واحتجازه في السعودية واليوم تواجه دار الفتوى "امتحان" الصدقية والحيادية في انتخابات "المناطق السنية" وخصوصاً في بيروت وصيدا وطرابلس والتي تدور فيها معارك "طاحنة" انتخابياً بين المستقبل وخصومه من سنة 8 آذار يضاف اليهم خصمه الاقوى ​حزب الله​ وصديقه "حديث العهد" التيار الوطني الحر.

ووفق اوساط سنية بيروتية في 8 آذار فإن المفتي السابق قباني كان طرفاً واضحاً منذ اغتيال الرئيس ​رفيق الحريري​ ووقف الى جانب تيار المستقبل منذ اللحظة الاولى وساند كل ما صدر عن الرئيس سعد الحريري وفريق 14 آذار والذي كان يقوده النائب ​وليد جنبلاط​ والدكتور ​سمير جعجع​ ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي امعن في انتهاك الدستور وفي "التنكيل" بقوى 8 آذار وبحزب الله و​حركة امل​ الخارجين من الحكومة بالاستقالة فاستمر السنيورة رغم كل الاحتجاجات والاعتصامات ولم "يرف له جفن" وابقى على "الحكومة البتراء" التي جرتنا الى احداث 7 ايار 2008 والتي طالت المفتي قباني ايضاً بسبب دعمه اللامحدود لفريق سني ولبناني من دون غيره. كما استمر المفتي قباني بعد ​اتفاق الدوحة​ بالانحياز لتيار المستقبل وايد جهاراً الحريري في انتخابات العام 2009 كما رفض "الانقلاب" على ​حكومة الحريري​ الاولى في العام 2011 ورمى "الحُرم" السني على الرئيس ​نجيب ميقاتي​ ومن شاركه فيها. كما انحاز ضد ​سوريا​ ونظامها مع بداية الاحداث في العام 2011 حتى تاريخ "اقالته" من تيار المستقبل في العام 2014 بعد تعطيل صلاحياته وتطويقه بالمجلس الشرعي الاعلى الذي قاده الوزير السابق عمر مسقاوي وصولا الى اجراء انتخابات جديدة وحلول الشيخ دريان.

بدوره خرج دريان وانتخابه مفتياً بشبه إجماع "مصري – سعودي" وبدور لسنة 8 آذار مع باقي سنة لبنان ليكون الانتخاب "رضائياً" بسبب نجاح المفتي دريان في ان يكون "عقدة الوسط" ورجل الحوار والانفتاح والاعتدال. وترى الاوساط السنية البيروتية ان دريان نجح في ادارة الدفة بهدوء وحكمة وخصوصاً ابان احتجاز الحريري في السعودية، وفي ان يكون على مسافة واحدة من كل سنة لبنان من الجماعة الاسلامية الى الاحباش الى المرابطون بزعامة ​مصطفى حمدان​ الى تيار الوزير السابق ​عبد الرحيم مراد​ كما نسج علاقات طيبة مع المجلس الشيعي وحركة امل وحزب الله وآل فضل الله ومن دون ان يظهر انه "طرف" وينحاز لصالح تيار المستقبل اذ ان دار الفتوى هي الحضن لكل المؤسسات الاسلامية بكل مذاهبها وتدعم كل المرجعيات الرسمية وخصوصاً رئاسة الحكومة كما ينص القانون والعرف. ورغم ان الاوساط البيروتية والتي تشارك في الانتخابات ضد تيار المستقبل من باب الواسع ترى ان دار الفتوى لا تتدخل في الانتخابات وهي اصلاً غير معنية فيها تقنياً او اجرائياً ولا صلاحية لها بالامر، ترفض الدخول في اي سجال مع دار الفتوى او الوزير ​نهاد المشنوق​ المعروف بقربه من المفتي دريان وبأن "النفس الاعتدالي" في الخطاب والممارسة لدريان يشاركه فيه الوزير المشنوق الذي خرج منذ ايام عن "حدود اللياقة السياسية" بعد تناوله الاطراف السنية المشاركة في انتخابات بيروت ضده وضد المستقبل بوصف غير لائق بحقه وحق الاخرين.

ويؤكد المسؤول الاعلامي في دار الفتوى خلدون قواص لـ"الديار"، ان "دار الفتوى هي دار الجميع والمفتي دريان لا يتدخل في الانتخابات النيابية وعلى مسافة واحدة من كل المرشحين وهو يصر على ان تكون المعركة الانتخابية نظيفة وبلا تشهير ومن ضمن خطط وبرامج اصلاحية".