ما إن أقرّ ​مجلس النواب​ ​سلسلة الرتب والرواتب​ التي شملت المعلّمين في ​القطاع العام​، حتى علت صرخة ​القطاع الخاص​ تطالب بنفس الزيادة، إنطلاقاً من مبدأ وحدة التشريع. هذه الزيادة وإن كانت "حق" للمعلمين في القطاع الخاص، إلا أن "ثمنها باهظ" فيؤدي حكماً الى رفع الأقساط في المدارس الخاصة، التي، لم يعد الاهل فيها يتحملون زيادة اضافية، وفي حال استمرّ الوضع على ما هو عليه فإنه سيكون من الصعب على ذوي الدخل المحدود أو حتى المتوسط تعليم أولادهم في المدارس الخاصة.

لم تجد مشكلة قضية دفع السلسلة للقطاع الخاص طريقها الى الحلّ ففي حين تصرّ المدارس الخاصة على رفع أقساطها طرحت ​وزارة التربية​ حلاً يقضي بتقسيط الـ6 درجات للمعلمين، هذا الأمر الذي ترفضه كلّ الجهات المعنية معتبرةً أن فيه تأجيلاً للمشكلة. وهذا ما يراه الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ​الأب بطرس عازار​، داعياً عبر "النشرة" الى "الإلتزام ببيان بكركي الصادر في الأول من شباط والبيان الثاني الصادر في آذار وأن تتكفّل الدولة بدفع الدرجات الستّ للمعلمين".

بدوره يوافق نائب رئيس لجنة الأهل بمدرسة اللويزة جورج يونس، الأب عازار على عدم تقسيط الدرجات الـ6، إلا أنه يرى أنه "على المدرسة أن تتولى تسديدها لأن ​الأقساط المدرسية​ رفعت منذ الـ2011 مع بدء الحديث عن سلسلة الرتب والرواتب". هذا الكلام يرفضه الأب عازار، مؤكدا أن "فيه الكثير من "الغوغائية" وعدم إدراك الأمور"، مشدداً على أننا "نسلم موازنات المدارس بشكل دوري كل عام الى وزارة التربية وهي تدقق فيها وهذا ما يحصل حالياً وهو أمر طبيعي"، مشيرا الى أنه "وفي كلّ عام هناك زيادة تعطى للمعلمين، فيما الزيادات على الأقساط ليست كتلك التي يحكى عنها، وبعض المدارس لجأ الى رفع أقساطه فيما البعض الآخر لجأ الى تخفيضها".

وفي ظلّ المعمعة الحاصلة، بدأت وزارة التربية بالتدقيق بموازنات المدارس الخاصة المقدمة لها. هنا يؤكد رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الاشقر أن "الوزارة تدقّق بالموازنات التي فيها خلافات بين لجان الاهل والمدرسة لتحيلها بعدها الى القضاء المختص فخبراء المحاسبة، وفي هذه المرحلة سيُدقق بموازنات المدارس التي وافقت لجان الاهل عليها ولكن الاهالي يرفضونها وتقدموا بشكوى ليأتي التدقيق فيما بعد بمجمل المدارس"، مضيفاً: "تبيّن بعد الكشف الاولي وجود 70 مدرسة مخالفة وسيتم تحويلهم الى المجلس التحكيمي".

أما نقيب المعلمين ​رودولف عبود​ فدعا الى "إنتظار النتائج التي ستصدر عن هذا التدقيق"، مشيراً الى أنه "يجب التأكد من الإيرادات والمصاريف في كلّ مدرسة"، ولفت الى وجود "ايرادات "وهمية" في المدارس الخاصة، والدولة تسدد بعض أقساط الطلاب مثلا لأولياء من هم في السلك الأمني كالجيش والأمن العام وغيره، فهذا التلميذ كيف يُسجّل؟ وكيف سيتمّ التأكّد من هذه المسائل كلّها؟، مؤكدا أن "بعض المدارس توازي بين ايراداتها ومصاريفها". في حين أن الأب عازار يلفت الى أن "صرخة المدارس الخاصة بدأت تعلو والبعض منها بدأ يهدّد جدياً بالإقفال خصوصاً مدارس الاطراف"، كاشفاً أننا "سنذهب في اتجاه مبادرتين الاولى ايجابية وفيما الثانية لن تكون كذلك ابداً في احال استمرت الاتهامات بحق المدارس الخاصة".

في المحصّلة يبقى إيجاد الحلّ أمرا ضروريا في ظلّ هذا الواقع. هنا يرى جورج يونس أنه "على المدرسة والاساتذة والاهل ابتداع الحل، وفي حال خففت المدرسة من نفقاتها فهي قادرة على المساعدة بجزء كبير لتغطية نفقات الدرجات للمعلمين". أما عبود فيرى أن "الحلّ يجب أن يختلف بين مدرسة وأخرى فمن زاد الأقساط من سنوات ولم يدفع السلسلة، لا يحق له أن يرفع الاقساط عشوائياً حالياً، من هنا على وزارة التربية أن تدرس الايرادات والمصاريف ووضع المدرسة وحجم الاساتذة والطلاب فيها وهي تحدد الزيادة على تبعاً لحاجة المدرسة".

إذاً تستمرّ أزمة رفع الأقساط، وهي تشكل هاجسا يقلق أهل التلاميذ، ليبقى السؤال: هل يصبح التعليم الخاص حكراً على الطبقة الميسورة فقط؟!.