لم يكد البيت الدرزي يستوعب خلفية انفجار الخلاف بين الزعيمين الدرزيين، رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ ورئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" الوزير ​طلال ارسلان​، حتى انفجر خلاف جديد بين الأخير ورئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​ الذي ذهب الى حد اتهام ارسلان، الذي يشغل حاليا وزارة المهجرين بممارسة "أبشع عمليات التمييز والهدر" في هذه الوزارة.

وان كان السبب المباشر لفتح للسجال الدرزي–الدرزي معروف تماما ومرتبط كليا بحشد الناخبين قبل نحو 3 اسابيع من موعد الانتخابات النيابية من خلال محاولة تشويه كل زعيم صورة الآخر الخصم، الا ان حدة الخطاب ومضمونه لم تعتده الساحة الدرزية من قبل، والتي حرص زعماؤها طوال السنوات الماضية على تجنيبها الخوض في الصراعات المتتالية رغم الخلافات الاستراتيجية في ما بينهم.

ولعل المشهد الذي انتهت اليه اللوائح الانتخابية في دائرة الشوف–عاليه، أهم مؤشر لحقيقة الانقسام الدرزي الحاصل، بعد تعذر التفاهم على تشكيل لائحة ائتلافية في الجبل، وهو ما كان يسعى اليه النائب وليد جنبلاط، ورفضه "التيار الوطني الحر" والمير ارسلان.

وتخوض الانتخابات حاليا في دائرة "جبل لبنان الرابعة" التي تضم قضائي الشوف وعاليه 6 لوائح، الأولى شكلها جنبلاط بالتحالف مع تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" وحملت اسم "لائحة المصالحة"، الثانية شكلها ارسلان و"الوطني الحر" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" باسم "ضمانة الجبل"، الثالثة شكلها وهاب، الرابعة حزب "الكتائب" ومستقلين، أما الخامسة فالمجتمع المدني. وقد انقسم الزعماء الدروز على لوائح 3، اذ انه وبعد سقوط سيناريو اللائحة الائتلافية، أفيد عن رفض ارسلان ضم وهاب الى لائحته، ما أثار لا شك حفيظته واستدعى اقدامه مؤخرا على فتح ملف وزارة المهجرين بوجهه.

ورفضت مصادر "الديمقراطي اللبناني" الحديث عن خلفيات انفجار الخلاف مع وهاب، لافتة الى انه صوّب باتجاه وزارة المهجرين، فجاءه "رد علمي" من خلال بيان صادر عن الوزارة نفسها.

ويبدو ان الزعماء الدروز يلتزمون خطوطا حمراء لا يرغبون بتجاوزها لذلك يكتفون بالمؤتمرات الصحافية والبيانات او حتى التغريدات ويتجنبون اجراء مقابلات مطوّلة قد تدفع السجال الدرزي–الدرزي الى مستويات أعلى. لكن مصادر سياسية درزية رجحت ان يتواصل تقاذف الاتهامات والمسؤوليات والحملات المضادة حتى موعد الانتخابات النيابية، لافتة الى ان النواب الدروز سيدخلون على الخط بعدما كانت السجالات مقتصرة والى حد بعيد على رؤساء الاحزاب. واضافت: "الخير لقدام... فكلما اقترب موعد 6 أيار، كلما ازداد الضغط، وبالتالي حان الوقت لاستخدام كل الأطراف أوراق قوتها التي تتركها على ما يبدو للربع ساعة الأخيرة".

وفيما رجحت المصادر ان يتم استيعاب هذه الخلافات بعد الانتخابات، وبالتحديد خلاف ارسلان–وهاب خاصة انهما ينتميان الى خط سياسي واحد، اعتبرت ان "خلاف جنبلاط–ارسلان قد يكون اصعب للضبط بعد الرسالة التي بقّ فيها وزير المهجرين كل بحصه"!.

بالمحصّلة، هي المصالح الانتخابية تغلغلت حتى الى البيت الدرزي الذي ظن كثيرون انه غير قابل للاختراق. ليتبين ان كل المحظورات تسقط أمام حسابات الربح والخسارة.