عندما أقارن بين ما يَحدث في العالم اليوم، من مخاطر على صعيد الإرهاب والجريمة المنظمة، أو على صعيد الوضع الاقتصادي والمالي والمخاطر، من موقِعي كرئيس لمؤسسة الإنتربول، وبين ما يَجري في بلدنا الحبيب لبنان، أقلقُ على مستقبل أولادِنا وبلدنا أكثر فأكثر مع الأسف، على رغم أنني لستُ مِن النوع المتشائم، بل بالعكس، كنتُ دائماً متفائلاً، وفي أدقّ المراحل الأمنية والعسكرية يوم تولّيتُ كلاً من وزارتي الداخلية والدفاع، في غدٍ أفضل للبنان ومستقبل أولادنا.

أكتبُ هذه الكلمات بعدما ترأستُ أمس الاجتماع السنوي لمؤسسة الإنتربول لكي نُقيّم ما حقّقناه خلال العام الماضي من إنجازات شارَكت فيها 137 دولة، على صعيد:

1 – مكافحة الإرهاب

2 – مكافحة الجريمة السيبيرية Cyber Crime

3 – مكافحة الأدوية المزوّرة

4 – مكافحة المخدّرات

5 – مكافحة جرائم السيارات

6 – مكافحة الإتجار بالأطفال

7 – مكافحة جرائم سرقة التراث من الكنائس والمساجد في العالم

8 – التحضير لبرامج تدريب لمكافحة الإرهاب عبر المتفجّرات البيولوجية والبكتريولوجية

وعند انتهاء اجتماع المجلس وإقرار كلّ بنودِه بالإجماع، وفيما كان المشاركون يثنون على الانجازات، كنتُ أشعر بألمٍ وحسرة على وطني لبنان الذي ولسوءِ حظّي وحظّ اللبنانيين والجيلِ المقبل، يتخبّط بعضُه مع بعض وبكلّ فئاته، وطوائفِه ومذاهبه، وكأنّنا قلبُ الكرة الأرضية، أو أنّ العالم أجمع لن ينام إذا فاز فلانٌ أو خسرَ فلان في الانتخابات أو إذا تبوَّأ فلان مركزاً مِن أيّ نوعٍ كان أو لا.

إنّ هذا الوضع مؤسفٌ ومُبكٍ، لأنّ التعامل مع المخاطر التي تدور حولنا وربّما في داخلنا، يتمّ وكأن لا شيءَ خطيراً يهدّدنا. أين المعالجات الحقيقية للمخاطر والتحدّيات، ومنها:

- مخاطر التشرذم السياسي.

- مخاطر الاهتراء الاقتصادي.

- مخاطر تجيير الدولة لمصلحة الأشخاص بدل تجيير الجميع لمصلحة الدولة.

- مخاطر جيلٍ بلا عمل.

- مخاطر شبابٍ يتطلّع إلى الهجرة كمتنفَّسٍ وحيد لمستقبله.

- مخاطر إنهاءِ آخِر مدماك قضائي وإداري وأمني بغية توظيفِه للمصالح الخاصة سياسيةً كانت أو غيرها.

- مخاطر إلهاء الأجهزة العسكرية والأمنية المحترَمة كالجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام بقضايا آنيّة صغيرة تلهيها عن دورها الأساسي.

- مخاطر خلقِ أجواء مِن الحِقد والانقسام العمودي الذي لم يَشهده لبنان في تاريخه وحتى في أصعب أيام الحربِ الكريهة، والذي ستُربّى الأجيال القادمة عليه.

كلّ هذه المخاطر ومئاتٌ منها لسوء الحظّ، ولا أحد يهتمّ ببلدٍ ينهار، وشعبٍ يجوع، وشبابٍ يهاجرون، واقتصادٍ تحوطه غيومٌ سود، وإذا لا سَمح الله سَقط البلد سَقطنا جميعُنا.

أعتذِرُ عن صراحتي، ولكنّها كلمات صادقة نابعة من قلبٍ قلِقٍ على بلدٍ أحبُّه وأعطيتُه أكثرَ ما عندي، حياتي ودمي. ومصدرُ القلق هو ما تتوافرُ لديّ من معطيات عمّا يجري في العالم وعمّا يجري أو سيجري في لبنان.

ما اعتدت أن أكونَ شاهدَ زورٍ، ولن أكون. مِن واجبي دقُّ ناقوسِ الخطر، لربّما يُمكننا جميعاً أن نُنقذ السفينة من الغرق، وما بقيَ منها إلّا أصواتٌ تعلو قبل الغرق.