لم يشارك رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ في حفل افتتاح مكتبة قطر الوطنية بعد ان كان من المزمع مشاركته فيها، وقد اثار هذا القرار الكثير من التساؤلات والتشكيك والتحليلات في وسائل الاعلام المحلية والاقليمية، وصلت الى حد اعتبار هذا الموقف بمثابة "ارضاء" للسعوديين خصوصاً بعد لقائه الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش ​القمة العربية​ في الظهران.

ولم يكن ما صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية من توضيح حول الموضوع، كافياً بالنسبة الى وسائل الاعلام هذه التي رأت ان الامور تحمل اكثر مما قيل رسمياً في هذا السياق. ولكن الواقع قد يكون مطابقاً لما قيل، ويمكن ان يكون التحليل -المشروع والبديهي- قد ذهب الى ابعد من حقيقة الامور. ووفق مصادر مطلعة على الاجواء، فإنه يجب التوقف عند نقاط مهمة قبل الذهاب الى تحليل قد يتجه الى مكان آخر، فبداية، لا يمكن القول ان عون الغى الزيارة لانه وان خفّ مستوى التمثيل فهو يمثّل ​لبنان​، وقد كلّف وزير الثقافة تمثيله، وبالتالي فإن لبنان بقي ممثلاً في الحفل ولم يقاطعه. اضافة الى ذلك، ووفق ما تم نشره في خبر الحفل في الصحف القطرية، لم يكن هناك من رؤساء جمهورية حاليين بل رؤساء سابقين ومسؤولين وممثلين عن الدول على مختلف المستويات، وبالتالي فإن التمثّل بمستوى وزير لم يكن خارجاً عن السياق.

ويشير المصدر نفسه الى انه لو كان الرئيس عون يرغب فعلاً بمقاطعة قطر او الابتعاد عنها، لما كان اعطى حديثاً الى وكالة الانباء القطرية فيه ما فيه من اشادة بالعلاقات بين البلدين وبالتقارب بينهما وبأهمية المصالحة، اضافة الى شكر قطر على مساهتمها في مؤتمر "سيدر".

ويتابع المصدر انه لا يمكن اعتبار قرار عدم مشاركة رئيس الجمهورية مشكلة سياسية مع قطر، فمناسبة الزيارة كانت ثقافية تربوية فكرية، ولم تكن زيارة رسمية او لعقد لقاء مع امير قطر او حتى للمشاركة في مؤتمر سياسي، وبالتالي كيف يمكن لمناسبة غير سياسية ان يتم فهمها على انها ابتعاد سياسي او انضمام لبنان الى الدول المقاطعة لقطر او تلك التي تختلف معها؟.

ولكن البعض قرأ في الموقف الرئاسي اللبناني مسألة اخرى، ووزّع اتهامات منها ان رئيس الجمهورية تلقى مبالغ مالية من اجل اتخاذ هذا القرار، او انه حاول ارضاء العاهل السعودي لاعادة العلاقات اللبنانية- ​السعودية​ الى ما كانت عليه سابقاً. وهنا، تلفت المصادر الى انه ليس من الغريب ان يصدر مثل هذا الكلام، ولكنه غير صحيح، معيدة التذكير بما نشرته بعض الصحف السعودية خلال الوقف الذي اتخذه عون بعد احتجاز رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في الرياض، حيث تم اتهامه انه يصعّد ضد السعودية لانه تلقى مبلغاً مالياً (نحو 20 مليون دولار) من امير قطر ليقف في وجه السعودية، وتبيّن لاحقاً ان هذا الامر كان مجرد خبر لا يمتّ الى الحقيقة بصلة وانه انعكس سلباً على من نشره، لانه تبيّن ان المشكلة طويت بمجرد ان عاد الحريري الى لبنان وابدى السعوديون رغبة في التقرّب مجدداً من لبنان وفق علاقة سليمة.

ويسأل المصدر: ان علاقة السعودية بسوريا غير سليمة، وبإيران ايضاً، فلماذا لم يقل عون عن هذين البلدين كلاماً مسيئاً او ينمّ عن رغبة في الابتعاد عنهما، وهو امر يعود عليه حتماً بمكاسب مهمة؟.

وختم المصدر بالقول، قد يكون هناك معطيات لدى رئيس الجمهورية لا يملكها سواه، اوجبت عليه اتخاذ هذا القرار الذي لا يؤثر على العلاقات مع قطر بأي شكل من الاشكال، ولكن المؤكد انه اتخذه شخص واحد فقط واسمه ميشال عون.