تظهر التحالفات التي سيتم على أساسها خوض ​الانتخابات النيابية​، مؤشرات على ولادة توازنات جديدة في البلاد، خصوصاً أن المعارك المنتظرة تكشف عن رغبات لدى بعض الأفرقاء في محاصرة أو تحجيم أفرقاء آخرين.

إنطلاقاً من هذا الواقع، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد 3 معارك أساسية على النفوذ: الأولى بين "​التيار الوطني الحر​" و"​حركة أمل​" و"​الحزب التقدمي الاشتراكي​"، الثانية بين "التيار الوطني الحر" والقوى المنافسة له على الساحة المسيحية، الثالثة بين تيار "المستقبل" وباقي القوى والشخصيات السنية.

من وجهة نظر هذه المصادر، ملامح المعركة الأولى ظهرت منذ ما قبل الإنتخابات النيابية، عبر الصراع بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على أكثر من ملف، في حين قرر رئيس "​اللقاء الديمقراطي​" النائب وليد جنبلاط التموضع إلى جانب بري، وهو ما يظهر من خلال إرتفاع وتيرة خلافاته مع رئيس الحكومة سعد الحريري، بينما قرر رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" وزير الدولة لشؤون المهجّرين طلال أرسلان التموضع إلى جانب تحالف الحريري- باسيل، الأمر الذي تُرجم بالتحالف بينهم في دائرة الجنوب الثالثة في مواجهة اللائحة المدعومة من بري وجنبلاط و"​حزب الله​".

في الإطار نفسه، تأتي المعارك الانتخابية التي يخوضها "التيار الوطني الحر" في مواجهة "حركة أمل"، لا سيما في دوائر الجنوب الأولى والثانية والثالثة، حيث تظهر بشكل مباشر بينهما، خصوصاً أن التيار لعب دوراً بارزاً في تشكيل لائحتين معارضتين في الثانية والثالثة، في حين كانت "حركة أمل" قد قررت منافسة التيار في دائرة صيدا-جزين، عبر دعم المرشح عن المقعد الماروني إبراهيم عازار.

بالنسبة إلى المعركة الثانية، أي تلك التي تدور بين "التيار الوطني الحر" والقوى المنافسة له على هذه الساحة، تلفت المصادر نفسها إلى أن التيار لم يبرم أي تحالف مع القوى الأساسية فيها، أي حزبي "​الكتائب​" و"​القوات اللبنانية​" وتيار "المردة"، حيث يخوض معارك معها بهدف إضعاف تمثيلها على المستوى النيابي، في ظل الحديث عن أن معركة الرئاسة الأولى المقبلة بدأت من خلال الإستحقاق النيابي، الأمر الذي يظهر بشكل لافت في دائرة بشري-البترون-الكورة-زغرتا، بينما يخوض التيار معارك مع قوى أخرى لها حضورها في بعض المناطق، مثل "الكتلة الشعبية" في زحلة، والنائب ميشال المر في المتن، ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون في بيروت الأولى.

فيما يتعلق بالمعركة الثالثة، أي تلك التي يخوضها تيار "المستقبل" مع باقي القوى والشخصيات على الساحة السنية، ترى هذه المصادر أنها شبه محسومة لصالح التيار الذي يستطيع الفوز بما يقارب 15 مقعداً نيابياً من المقاعد المخصصة لها، خصوصاً أنه لا يواجه منافسة حقيقية إلا على البعض منها، بينما خسارته ستكون في المقاعد المسيحية التي كان يفوز بها بسبب قانون الانتخاب، وهذا الأمر يعود إلى نجاح الحريري في إعادة تصحيح علاقته مع السعودية، إلا أن هذا لا يلغي النظرية التي تقول أن بقاء الحريري في رئاسة الحكومة مرتبط بالتفاهمات التي يبرمها على المستوى المحلي من جهة، وبالتوازنات القائمة على المستوى الإقليمي من جهة ثانية.

في المحصلة، المعارك الإنتخابية في بعض الدوائر لن تكون من أجل الفوز بعدد معين من المقاعد فقط، بل عنوانها الصراع على النفوذ والتوازنات في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن لبنان سيكون على موعد مع العديد من الإستحقاقات المهمة.