نظمت كلية العلوم الإنسانية في ​جامعة سيدة اللويزة​ - قسم الإعلام، مؤتمرها السنوي، بعنوان "التطرف الرقمي: واقع وسبل معالجة"، برعاية وزير الإعلام ملحم الرياشي ممثلا بالمدير العام ل​وزارة الإعلام​ الدكتور ​حسان فلحة​، بمشاركة وحضور إختصاصيين وناشطين في ​المجتمع المدني​ وإعلاميين وأكاديميين وطلاب.

وألقى الدكتور فلحة كلمة شدد فيها على ان الابرز في العصر الحديث ما شهدته فرنسا في أواخر القرن السابع عشر وعرف بعهد الرهبة في فرنسا reign of terror ومن ثم جاءت مفردة ​الارهاب​ terrorism، الا انه وللاسف لا يوجد تعريف واضح للارهاب لا في منظمة ​الامم المتحدة​ ولا في ​جامعة الدول العربية​، وقد أخفقت المنظمتان في وضع اطار قانوني او تعريف محدد للارهاب بل هناك التباس مشهود في مقاربة هذا الامر. ومبعث ذلك الاختلاف السياسي البين الناتج عن الاحلاف الدولية، وانقسام الدول معسكرات تختلف فيها النظرة الى كل من المقاومة والارهاب او حق الشعوب في محاربة الاحتلال وبين الارهاب".

واكد ان "جل ما يعنينا في هذا المؤتمر الاكاديمي ان المأزق والاشكال ينبعان عندما يغدو الارهاب سلوكا عنفيا معرفيا عميق الاثر يطغى عليه وهن الدول وعدم قدرة المجتمعات على مكافحته والسيطرة عليه، اما الاشكالية المطروحة دائما فهي السعي لمعرفة العلاقة التبادلية والترابطية بين الارهاب والاعلام ويصبح التساؤل اكثر مشروعية وتحفيزا عندما يتصل الامر ب​وسائل التواصل الاجتماعي​ والاعلام الرقمي، اذ ان دور الاعلام تغير وتبدلت وظيفته بسبب الوسائل التقنية الحديثة ويسر استخدامها وكلفتها الاقل التي اتاحت للفرد كما للجماعات الصغيرة سهولة استخدامها دون ادنى عناء او اي موانع، بموازاة انتشار واسع يتجاوز الحدود الجغرافية والمكانية، وتخطى عوائق اللغوية فضلا عن التحرر من الاطر الزمنية والتعقيدات اللوجستية التي كانت تقف عائقا امام الاعلام التقليدي. فقد غدا هذا التواصل اعلاما أشمل وأكثر تكاملا وتعددا في آن معا. وأصبحت الاجيال الاكثر استخداما لهذه التقنيات الحديثة هي من عنصر ​الشباب​ الاكثر انجذابا الى الحركات الارهابية والاكثر ميولا للتطرف الفكري. واتسع دور الفرد وحضوره في اعلام التواصل الاجتماعي على حساب العمل الجماعي الذي كان يتسم به الاعلام التقليدي، دون ان نسقط ان التفكير هنا جماعي ومتجانس، نظرا لوفرة الوسيلة المتشابهة لدى الجمي،ع كما المعلومة الواحدة المتاحة في الوقت عينه. وقد نتج عن ذلك وعي معرفي اكثر حضورا واكثر غزارة نظرا للدفق الاعلامي الهائل الذي تشهده المجتمعات على تنوعها".

ولفت الى "ان البعض ينظر الى الارهاب كظاهرة عابرة تتنقل احداثها بين الامكنة وفي اوقات متفاوتة، دون ان يستقر مقام الرأي عند هؤلاء على انه سياسة مدروسة. وغالبا ما ينجر بعض الاعلام وراء السبق الاعلامي وتوظيف التقنيات الحديثة ووسائله في خدمة الارهاب عن قصد او عن غير قصد تحت شعار عدم اخفاء الحقائق، وعندها يتم الترويج الضمني لمقاصد الارهاب واهدافه على قاعدة التنافس على حساب الموضوعية، حتى اضحى دور بعض الفضائيات مشاركا جوهريا في الترويج للفكر الارهابي وبحجة حرية الرأي والتعبير. وقد شهدنا الامكانيات الاعلامية الهائلة التي استخدمتها المنظمات الارهابية مثل داعش حيث برعت في صناعة الاعلام وانتاجه ونشره مباشرة او بواسطة الغير، واللافت ان التطور التقني تجاوز الاعباء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية والتربوية والتعليمية داخل المجتمعات المعاصرة". مؤكدا "على دور التربية الاستراتيجي في مواجهة الافكار العنفية بموازاة العمل الاعلامي الواعي لانتاج منظومة فاعلة في مواجهة التطرف، الذي يعتمده الارهاب رافعة اساسية في أعماله وسلوكه، على ان يكون الاساس في عملية المواجهة المقدرة على استخدام تقنيات المعلومات بشكل ذكي ومدروس، ولا سيما بعد سقوط المحرمات المعرفية وسرعة التبدل في الصور النمطية التي اعتادت عليها المجتمعات لفترات زمنية طويلة، مع الاقرار بتبدل سلم القيم والمعتقدات والعادات وفي ظل صعوبة لا يستهان بها في الريادة والتمييز عند المستهدف بين الشائعات والحقائق حيث يتقلص دور الدولة من خلال القطاع العام الاعلامي لصالح القطاع الخاص الذي اصبح اكثر حضورا".