منذ بداية البحث في قانون الإنتخاب الجديد، شعر رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ بوجود محاولة لإستهدافه، من خلال إعتماد النظام النسبي والتقسيمات الإدارية، الأمر الذي دفعه إلى التمسك بقانون الستين، قبل أن يوافق على إعتماد النسبيّة، شرط أن تكون ​الشوف​ وعاليه ضمن دائرة إنتخابية واحدة، في حين وجد رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" النائب ​طلال أرسلان​ في هذا القانون فرصة لإثبات زعامته، بعيداً عن الإتفاق مع النائب جنبلاط على ترك مقعد نيابي شاغر له في عاليه.

خلال مرحلة البحث في التحالفات، سعى النائب جنبلاط إلى تأليف لائحة تجمع مختلف القوى السياسية الفاعلة في هذه الدائرة، من "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" إلى تيار "المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" و"الحزب الديمقراطي اللبناني" وحزب "الكتائب"، إلا أنه اصطدم بالمطالب التي اعتبرها غير منطقية، خصوصاً من "التيار الوطني الحر" والنائب أرسلان.

من وجهة نظر مصادر مطلعة، فإن رئيس "اللقاء الديمقراطي" قلق اليوم من إحتمال كسر زعامته في الجبل، الممتدة منذ ما قبل إتفاق الطائف، خصوصاً أن البلاد تمر بما يشبه المرحلة الإنتقالية على مستوى التوازنات الداخلية، في ظل التفاهم بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، في حين هو قرر التموضع في الجهة المقابلة إلى جانب رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن هذا الواقع هو الذي يؤدي إلى توتر الأوضاع في قرى وبلدات هذه الدائرة، لا سيما أن "الإشتراكي" بات على قناعة بأن هناك من يحاول محاصرته عبر الإستحقاق الإنتخابي، بينما هو لا يمكن أن يقبل بهذا الأمر، بمقابل شعور جمهور "الديمقراطي" أن هذا القانون هو فرصته لحجز موقع متقدم في الجبل.

بالنسبة إلى هذه المصادر، كان رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" يتمنى أن تتم عملية نقل الزعامة بشكل سلس، إلا أن المؤشرات لا توحي بذلك على الإطلاق، لا سيما أن النائب جنبلاط لا يواجه تحدياً على مستوى المقاعد النيابية المسيحية في الشوف وعاليه فقط، بل أيضاً على مستوى الزعامة الدرزية، في ظل الدعم الذي يحظى به رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان من قبل حلفائه، بينما هو يعاني على هذا المستوى، خصوصاً بالنسبة إلى علاقاته مع رئيس الحكومة سعد الحريري.

في السنوات السابقة، كان يحرص رئيس "اللقاء الديمقراطي" على تفادي النزاع على الزعامة الدرزية في لبنان، عبر الإيحاء بأنه يترك للنائب أرسلان مقعده في ​قضاء عاليه​، على أن تكون باقي المقاعد الدرزية السبع من حصته، وهو من أجل ذلك سارع إلى إبرام تفاهمات على تلك المقاعد مع باقي القوى السياسية، في بيروت الثانية وحاصبيا مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وفي بعبدا مع حزب "القوات اللبنانية"، وفي البقاع الغربي وراشيا مع تيار "المستقبل"، بينما يخوض المعركة، بالتحالف مع "القوات" و"المستقبل"، في الشوف وعاليه، حيث يتواجد مقعدان درزيان في كل قضاء.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لم يكن النائب جنبلاط يتوقع أن يكون على موعد مع مواجهة حول المقعدين الدرزيين في دائرتي الجنوب الثالثة وبعبدا، حيث يرشح في الأولى، بالتفاهم مع رئيس المجلس النيابي، النائب أنور الخليل، بينما يرشح في الثانية هادي أبو الحسن، إلا أن رئيس "الديمقراطي اللبناني" قرر عدم الإلتزام بهذا الواقع، والدخول في مواجهة على المقعد الأول، بالتفاهم مع "المستقبل" و"الوطني الحر"، عبر ترشيح وسام شروف، وعلى الثاني، بالتفاهم مع "الثنائي الشيعي" و"الوطني الحر"، عبر ترشيح سهيل الأعور، مع العلم أنه لم يكن راضياً على التفاهم الذي حصل بين بري وجنبلاط حول المقعد الدرزي في دائرة بيروت الثانية.

في هذا السياق، تشدد المصادر نفسها على أن النقطة الأساسية التي تثير قلق النائب جنبلاط، تكمن بالرسالة التي وجهها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عند زيارته النائب أرسلان بعد تأليف لائحة "ضمانة الجبل"، لناحية تشكيل لائحة من النواب الفائزين عن هذه اللائحة في الجبل تكون برئاسة رئيس "الديمقراطي اللبناني"، ما يعني أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" سيكون أمام زعامة درزية تملك كتلة نيابية منافسة له في الجبل، وهي أيضاً على علاقة قوية مع كل من "المستقبل" و"التيار الوطني الحر".

في المحصلة، تضع هذه المصادر ما يحصل من توترات ضمن منطقة الجبل بين أنصار جنبلاط وأرسلان في هذا الإطار، كان آخرها في ​مدينة الشويفات​ يوم الأحد الماضي، وترجح أن ترتفع حدتها في الأيام الفاصلة عن موعد الإستحقاق الإنتخابي في السادس من أيار المقبل، مع العلم أن كلاًّ من جنبلاط وأرسلان يحرصان على الدعوة إلى التهدئة بشكل دائم.