أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ​عناية عز الدين​ خلال مؤتمر وطني بعنوان "إستراتيجية ​مكافحة الفساد​...نحو مستقبل أفضل" عقد في ​السراي الحكومي​ "أننا نلتقي اليوم حول عنوان هو من أكثر العناوين تداولا في ​لبنان​ منذ سنوات طويلة، إلا أنه اكتسب أخيرا اهمية كبرى إذ أصبح محط إجماع نادر في بلدنا ذي التركيبة المعقدة رغم صغره، فقد ورد التأكيد على الالتزام بمكافحة الفساد في خطاب قسم فخامة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وفي البيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة برئاسة رئيس ​مجلس الوزراء​ ​سعد الحريري​ وفي أكثر من خطاب لرئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​، وقد تبنت معظم القوى السياسية هذا المطلب في برامجها الانتخابية حتى أمكن القول إنه القاسم المشترك بين الجميع".

ولفتت عز الدين الى "أننا سمعناها قبل اليوم وأكررها اليوم، السبب وراء هذا التحول هو أن الاوضاع لم تعد تحتمل، وما كان بالامكان اخفاؤه في مراحل سابقة أصبحت اليوم عوارضه وآثاره حادة وواضحة وظاهرة للعيان. لا انكار الحقائق ينفع، ولا ترك الامور من دون علاج يجدي. ولذلك، لا بد من التحرك من مكان ما، لا بد من فتح مسار جدي وممأسس لمكافحة الفساد، والحق يقال إن هذا الامر إذا نجح سيكون محل إجماع شعبي وفرصة ثمينة لاستعادة الثقة المفقودة بين المواطن اللبناني وبين دولته. كما سيكون احد اهم المؤشرات التي تساهم في رفع تصنيف لبنان وتحسين صورته دوليا، ووضعه على طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة".

ولفتت الى أنه "أيها السيدات والسادة، يمكن للقائنا اليوم أن يكتسي طابعا تاريخيا وطنيا جامعا، لأنها المرة الاولى التي نشهد فيها في لبنان إعلان وثيقة مماثلة في محاولة لوضع حد لدوراننا في حلقة مفرغة فيها الكثير من الكلام والقليل من الفعل وندرة في الآليات وغياب للتفعيل. وأقول ذلك لأنني اكتشفت في ضوء تجربتي الوزارية خلال السنتين الماضيتين أمور عدة ذات صلة، ومن بينها وجود، إلى جانب ​القضاء​ والأجهزة الرقابية المعروفة، آلية لبنانية قائمة فعلا لمكافحة الفساد، تتمثل بلجنة وزارية ولجنة فنية معاونة لها أنشئتا في عام 2011 تنفيذا لالتزامات لبنان في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولكنها لم تلق الاهتمام الكافي لا من الدولة ولا من المواطنين ولا حتى من شركاء لبنان في المجتمع الدولي".

وأكدت عز الدين أن "قرارنا في وزارة الدولة للتنمية الادارية المنسجم مع قرار حكومة استعادة الثقة كان البناء على الآلية المذكورة وتطويرها. ومن هنا، كان العمل الذي بذلناه، بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد وسائر الوزارات والأطراف المعنيين في السلطتين التشريعية والقضائية، وفي القطاع الخاص والمجتمع المدني، وبالتعاون الوثيق بين فريق الوزارة وخبراء إقليميين ودوليين من الامم المتحدة، وتحديدا برنامجها الإنمائي من خلال مكتبه الوطني في لبنان ومكتبه الإقليمي في الدول العربية. وقد استطعنا بعد جهد كبير، ورغم التحديات العديدة، من انجاز هذه الوثيقة، التي تعتبر خطوة اساسية، ولكن ربما الأولى على طريق الألف ميل"، مشيرةً الى أن "المطلوب بعد اليوم هو اقرار الاستراتيجية ومخططها التنفيذي في اقرب وقت ممكن كشرط اساسي لدخولها حيز التبني والتنفيذ الذي يبقى الهدف الاساسي والجوهري"، لافتة إلى أن "هذا الهدف يتطلب شراكة بين مختلف الاطراف الفاعلة من حكومة ووزارات معنية ومجلس نيابي واجهزة قضائية وأصحاب الاعمال ومواطنين"، وقالت: "إن هذه الاستراتيجية هي مسؤولية مشتركة، والكل له دور سواء على مستوى تعزيز المضمون أو التطوير والتنفيذ والمراقبة".

وأوضحت أن "إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي هو تطبيق لما التزم به لبنان عند توقيعه الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وتحديدا المادة الخامسة منها. كما أنه ترجمة لما تم التوافق عليه في مؤتمر سيدر من توصيات حول الاصلاحات الهيكلية المطلوبة، وهي تشكل، إلى جانب استراتيجية التحول الرقمي، الاسهامين الرئيسيين لوزارة التنمية الادارية، على امل اقرارهما في اقرب وقت ممكن كي يشعر بنتائجهما المواطنون وشركاؤنا الدوليون".