لفت رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، إلى "أنّني أسّست "​التيار الوطني الحر​"، وأعرف أنّ ​قانون الإنتخابات​ على أساس النسبية قد يؤدّي الى خسارة بعض المقاعد النيابية هي في المطلق عائدة للتيار، لكن ما يهمّني هو أن تتحقّق عدالة التمثيل ليربح الوطن والشعب، وتكون له كلمته في اختيار ممثليه"، مشيراً إلى أنّ "بعد ​الانتخابات النيابية 2018​، وفي ما خصّ الحكومة، فانّنا سنواصل العمل وفق الأسلوب الّذي اعتمدناه والّذي يقوم على الإجماع في اتخاذ القرارات، وهذه وسيلة قد تعاني من بعض البطء إلّا أنّها تعفينا من الخلافات."

وعن الحكومة المقبلة، وما إذا كانت ستشكّل بسرعة وكيف ستعالَج المسائل بداخلها، أوضح الرئيس عون في مقابلة مع قناة "BBC" عربي، أنّه "سيتمّ تطبيق الدستور وما ينص عليه، وسنحاول دوماً التوصّل إلى الإجماع، وهو الأمر المستحب. وفي غياب الإجماع هناك التصويت"، مشدّداً على أنّ "ما يهمّه هو دائماً الحفاظ على الوحدة الوطنية في أي عمل حكومي مقبل، وإذا تعذّر ذلك فسنلجأ إلى الأكثرية"، موضحاً "أنّنا كنّا خارج الحكومة وفي المعارضة منذ 2005، وهناك حرية المعارضة".

وركّز بموضوع نظرته إلى المرحلة المقبلة، على أنّ "من يريد الدخول إلى الحكومة عليه أن يلتزم بالقوانين الّتي ترعاها وطريقة العمل داخلها. ومن يريد البقاء خارجها وفي صفوف المعارضة، فهو حرّ بذلك"، مشيراً إلى أنّه "إذا ما حصلت عرقلة داخل الحكومة يمكن أن تستقيل ويعاد تشكيل حكومة أخرى، لكن الأمر لن يستغرق كما في بعض الدول سنتين أو أكثر لتشكيل حكومة جديدة". وحول مدى تأثير صراع المحاور الخارجية على الإستقرار الداخلي، أكّد أنّ "هناك إقراراً من الجميع بأنّ ​لبنان​ يجب أن يبقى مزدهراً، ومهما كان الإنقسام السياسي الداخلي بسبب الخارج فإنّ الجميع مؤمن بوجوب الحفاظ على الإستقرار الداخلي وإبقاء أشكال النزاع كافّة خارجه".

وردّاً على سؤال "إلى متى سيبقى لبنان أسير ​سياسة​ المحاور ويبقى ​الجيش اللبناني​ يتحمّل تبعات هذا الامر"، شدّد الرئيس عون على أنّ "الجيش يطّبق قرارات الحكومة. وسبق واتّخذنا قراراً باإاجماع قضى بطرد الإرهابيين من بعض المناطق الحدودية الّتي كانوا فيها، وجرى ذلك عبر معركة عسكرية شهد الجميع خلالها لقدرات جيشنا الّذي قام بها في أسرع وقت ممكن وانتصر فيها بعدد ضئيل من الشهداء".

أمّا عمّا اذا كان يوافق على طرح الأمين العام لـ"​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ والقائم على اعتبار أنّ ما قبل القصف الاسرائيلي لمطار "التيفور" السوري شيء وما بعده أمر آخر، فركّز على أنّ "الإعتداء ال​إسرائيل​ي على أي دولة عربية أمر مرفوض من قبل لبنان، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق ب​سوريا​ وهي الأقرب جغرافيّاً إلينا؟ أمّا الرد على الإعتداء، فما زال ضمن اطار خطاب، وهو ليس موقف ​الحكومة اللبنانية​"، موضحاً أنّ "في ما يتعلّق بمشاركة "حزب الله" بالنزاع الدائر حاليّاً في سوريا، فإنّ مسألته باتت قضية على مستوى ​الشرق الأوسط​ حيث أصبح الحزب جزءأ من توازن القوى ولم يعد بامكانه الخروج وحيداً من المعركة الدائرة".

وحول ما إذا كان تحقيق مكاسب جديدة من قبل ​النظام السوري​ في سوريا سينعكس على علاقة الرئيس عون برئيس الحكومة ​سعد الحريري​، فنفى ذلك، قائلاً "لسنا في وضع انتظار أن يربح أحد في الخارج كي ننقلب وطنيّاً على مواطنينا. نحن إذا ربحنا في لبنان نربح جميعاً، وإذا ما خسر أحدنا فإنّنا جميعاً خاسرون. وكلّ من يعرفني يعرف جوابي هذا منذ حرب العام 2006 الّتي شنّتها إسرائيل ضدّنا"، كاشفاً "أنّني سُئلت حينها عمّا حققّتهُ من هذه الحرب وقد "حشرت نفسك فيها"، فأجبت انّ هذا هو اعتداء على الوطن وعلى مواطنينا، فإن خسروا سنعيش وإياهم الخسارة، وإن ربحوا سنعيش معهم أيضا، لذلك لا يجوز التخلّي لا عن المواطنة ولا عن أرض الوطن. وأنا اتصرّف على الدوام وفق هذه القناعة الفكرية".

وفي ما خصّ مسألة ​النازحين السوريين​ وعمّا إذا كانت ​الأمم المتحدة​ ستسمع إلى ما ينادي به لبنان، أكّد الرئيس عون أنّ "علينا ان نأخذ المبادرة ونتصرّف من خلال ابتداع الحلول الممكنة، ويمكن أن ننجح لأنّ المصّر على النجاح في قضية ما فإنّه ينجح بها"، مشدّداً على "أنّني لا أفهم مواقف وتصاريح مسؤولي الأمم المتحدة، كما أنّني تفاجأت بمواقف ​الإتحاد الأوروبي​، لأنّ من غير الممكن أن يبقى لبنان يتحمّل ما يتحمّله". وتساءل "كم استقبلت أي دولة أوروبية من النازحين؟ وبالمقابل ما هي مواردنا نحن في لبنان وكم هي مساحة وطننا؟ وكم زادت الكثافة السكانية عندنا كذلك؟ ألم ترتفع من 400 إلى 600 في الكيلومتر المربع الواحد، كما ارتفعت نسبة البطالة لدينا إلى 46 بالمئة؟ كما أنّ الوضع الإقتصادي لدينا ازداد سوءاً لأنّ من غير الممكن تحمّل كلّ هذه ​الزيادة السكانية​ وأعبائها بين ليلة وضحاها؟".

وبيّن أنّ "المساعدات الّتي تأتي إلى هؤلاء النازحين أصبحت بمثابة إعطائهم راتبين، راتب المساعدة وراتب العمل على الأراضي اللبنانية، مقابل حرمان ​الشعب اللبناني​ من العمل لأنّ النازح يتقدّم إلى العمل بأجور أدنى ممّا يطلبه العامل اللبناني، من دون أنّ يدفع اي ضرائب"، مجدّداً التشديد على أنّ "لبنان يطالب بعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، وفي بعض المدن يتمّ تسليم سلاح المسلحين إلى النظام في سوريا، لافتاً إلى أنّه "طالما أنّ النازحين موجودون عندنا فإنّ هناك قلقاً يساورنا من نتائج الحرب الّتي تنحسر أكثر فأكثر راهناً في سوريا، حيث لم يعد هناك من اضطراب أمني إلّا في محافظتي درعا وإدلب وهما الأصغر بين المحافظات السورية. أمّا في المناطق الأخرى كافّة فقد انتهت المشاكل الأمنية فيها".

وكرّر التأكيد أنّ "لبنان لا يضغط على أحد للعودة كيفما كانت الظروف الى سوريا. فنحن نتكلّم على خروج النازحين من لبنان، برضاهم، وإلى المناطق الآمنة في بلدهم"، موضحاً "أنّني كلبناني موجود على أرض وطني، وكرئيس للجمهورية أقسمت اليمين على احترام الدستور والقوانين اللبنانية والإستقلال، وعلى المحافظة على سلامة الأراضي اللبنانية. والقانون الدولي من جهته لا يتيح لأحد آخر أن يعطيني الأوامر على أرضي"، مفسّراً أنّ "بإمكانه أن يعترض على تصرّفاتي إذا ما أسأت التصرّف تجاه النازحين، لكن لبنان أعطى النازحين السوريين أفضل معاملة إنسانية، والبرهان على ذلك أنّ لا أزمة حصلت بيننا. إلّا أنّ نسبة الجرائم العادية قد ارتفعت بسبب وجودهم، لكن لا أزمة من الجهة اللبنانية معهم. لذلك ما من أحد بإمكانه أن يتّهمنا بأي أمر سلبي تجاههم. واليوم هناك شائعات تسري أنّ هناك ضغطاً يمارس عليهم، وهذا غير صحيح إطلاقاً".

وعمّا إذا كان غير مرتاح لموقف الأمم المتحدة في هذا الخصوص، أجاب: "صحيح، صحيح"، متسائلاً "ما هي النوايا الّتي تقف خلف إبقاء النازحين في لبنان؟ فالأمم المتحدة تدرك تمام الإدراك أنّه بات هناك أمن على معظم الأراضي السورية باستثناء محافظتي درعا وإدلب". وعن العلاقة مع الدول العربية، وما إذا كانت هناك من آلية عملية لمتابعة مواقفه في القمتين العربيتين الأخيرتين في الأردن والسعودية، والمبادرات الّتي طرحها، وتفعيل دور لبنان لكي لا تنعكس عليه آثار خلافات الآخرين، نوّه الرئيس عون إلى "أننا بين العرب نستخدم لغة عائلية، فنسمّي بعضنا الاخوة العرب، ودولنا هي دول شقيقة. فإذا كان فعلاً هذا هو شعورنا المشترك الّذي نعبّر عنه بهذا الأسلوب، فإنّ من غير الجائز أن يتدّخل الأخ لصالح أحد ضدّ الآخر، بل أن يسعى لإصلاح ذات البين بينهما. هذا هو دورنا أن نطرح مبادرات ونسدي النصح اذا كان مقبولاً".

وركّز على أنّ "حتى الآن لم تأتِ مؤشرات مشجّعة. ونحن تكلّمنا على الأسلوب الوحيد الممكن وهو القبول بطاولة حوار لحلّ المشاكل القائمة في ما بينهم، كما أنّ هناك قاعدة قانونية للحلّ هي ​جامعة الدول العربية​ الّتي تحدّد العلاقات بين الدول العربية. وقد تكون هناك مصالح حيوية يجب أن يتمّ الإتفاق في شأنها على ​طاولة الحوار​ ليقف التقاتل في ما بينهم"، لافتاً إلى أنّه "أمّا إذا لم يرغبوا في التوافق وفق هذا الإطار للحلّ، فإنّ الصراع سيبقى قائماً في ما بينهم إلى أن يتمكّن أحد من سحق الآخر. والوساطة الّتي قام بها ​أمير الكويت​ لم تتوصل إلى نتيجة لأنّ الحوار كان متباعداً بين الجهات المعنية، الّتي عليها أن تجلس معاً للتوصّل إلى حلّ مشترك، حتّى لو اعترى ذلك صراخ متبادل لكن يبقى الحوار قائما ومباشراً"، مشيراً إلى أنّه "عندما يدخل طرف الى الحوار فإنه لا يخرج منه، لأن الجميع يتألم ويخسر وما من احد يكون رابحا بالحرب".

وعمّا يمكن توقّعه من القمة الإقتصادية المقبلة الّتي ستنعقد في لبنان وامكانية طرح مبادرة حوارية، جزم "أنّنا سنسعى بكلّ جهدنا لتحقيق ما يجب تحقيقه، ولدينا متّسع من الوقت إلى حينه".