انتهت العملية الانتخابية في ​لبنان​، ومع تنظيف مخلّفات الاستحقاق الانتخابي على الصعيدين البيئي والسياسي، بدأت عملية الحسابات والتوازنات السياسية تشق طريقها تمهيداً لما بعد مرحلة السادس من ايار 2018.

ولكن، بين هذه المرحلة وتلك، وفيما هناك من يجعل نفسه معروفاً في مرحلة ​الانتخابات​، من المسؤولين الى المرشحين الى الناخبين... هناك من يرضى بأن يكون مجهولاً في خدمة الوطن والمواطن دون ان يشعر به احد، خصوصاً في يوم مشابه ليوم امس. بداية، يجدر التوقف عند من حمى العملية الانتخابية برمّتها اي ​الجيش اللبناني​ و​القوى الامنية​ الذين انتشر عناصرهم قبل ايام، وواكبوا عمليات الاقتراع والصناديق فارغة وممتلئة، من البداية الى النهاية، كما عملوا على بث الطمأنينة والارتياح في صفوف المواطنين ناخبين كانوا ام غير ناخبين، والى اي فئة او حزب او تيار انتموا، ومهما كانت طائفتهم او مذهبهم، وهذا بحد ذاته انجاز صامت يقدّره القليلون فقط علماً انه من اصعب المراحل التي تشهدها الانتخابات في اي بلد كان، فكم بالحري في لبنان الذي تتعدد فيه الانتماءات ويكثر الكلام فيه عن مظلومية يتعرض لها الجميع، والكل يشتكي فيما الدماء تبقى حامية والكل جاهز لافتعال المشاكل والتضحية بالسلامة في مقابل ارضاء من يدعمه، ولو كان الاخير على خطأ.

مجموعة اخرى من "الجنود" لا يظهرون، الا ان هذا لا يعني انهم غير موجودين، وهم المعنيون بمتابعة العملية الانتخابية ادارياً، انما هنا تختلف نسبة الاجتهاد والمتابعة عن غيرها، ولكن وجود قسم من هؤلاء المعنيين غير الكفوئين لا يحجب العمل الجبار الذي يقوم به الآخرون الذين يتابعون كل شكوى او اشكال او مشكلة قد تعترض الناخبين قبل الاقتراع وخلاله وبعده، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اشكالات الاسماء وبطاقات الهوية وجوازات السفر التي وحدها تخوّل الناخب الاقتراع، وتنسيق العملية بالكامل من فرز الاصوات واحتسابها وادخال المعلومات بدقة وادارة كل هذه المسألة بحرفية ومهنية لان المسؤولية كبيرة، وكبيرة جداً، علماً انها التجربة الاولى التي يخوضها لبنان في ظل القانون الجديد والاسلوب الحديث المعتمد.

وهناك شريحة مجهولة ايضاً لا يتم الحديث عنها، وهي شريحة الموظفين في مختلف الوظائف الذين يقومون بعملهم كالمعتاد فيما الجميع مأخوذ بالانتخابات او ينعم بالراحة، وهي حق له، في يوم الاحد. هؤلاء يؤمّنون كل ما يحتاج اليه المواطن لتمضية هذا النهار، فيقومون بعملهم بشكل معتاد، ويكون هذا اليوم بالنسبة اليهم كغيره من الايام، دون تفرقة في دوام العمل او المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويكونون حاضرين لخدمة الزبائن او من يراجعهم او يعتمد عليهم ليتخطى هذا النهار، او حتى لايصال الخبر الى الناس، وفق اوسع تغطية ممكنة. هؤلاءيجب ايضاً ان يحظوا بالتحية اللازمة والتقدير لما يقومون به .

هناك ايضاً كثيرون غير من تم ذكرهم، يساهمون وفق قدراتهم وواجباتهم، في انجاح هذا اليوم الانتخابي الطويل، لذلك، لا يجب الاستهانة او الاستخفاف بأي شخص اكان ظاهراً او يعمل في الخفاء من حيث يكون في سبيل اكتمال الصورة الشاملة للعلمية الانتخابية، وتحضيراً للنتيجة النهائية التي ستؤمّن وصول 128 نائباً الى ​المجلس النيابي​ عبر الانتخاب، للمرة الاولى منذ تسع سنوات.

انها مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، وكل ذلك بفضل الجنود المعلومون والمجهولون على حد سواء. من هنا اهمية توجيه تحية لهم وتخصيص فقرة نذكرهم فيها ونشكرهم على كل ما قاموا به، كي لايضيع جهدهم في معمعة السياسة التي تحتل الاهتمامات بشكل دائم، علّ هذا اليوم يكون يوم التقدير والشكر لهم جميعاً...