انتهت ​الانتخابات النيابية​ وفاز من فاز وخسر من خسر، ويستعد لبنان بدءا من اليوم للدخول في استحقاقات جديدة، لن يكون انتخاب رئيس ​المجلس النيابي​ من ضمنها نظرا لانحسام الأمر بوصول رئيسه الحالي ​نبيه بري​ الى هذا المركز مجددا، ولكن الاستحقاق الأبرز سيكون بتشكيل حكومة "العهد الاولى" كما يسميها رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، الأمر الذي سيحمل تعقيدات سياسية كبرى، خصوصا بعد حديث بري أمس عن كون ​وزارة المال​ية من الحصة الشيعية حتما.

استخلص بري بحسب مصادر مقربة عددا من العبر من نتائج الانتخابات اولها هو فشل محاولات الهيمنة، استخدام الخطاب الطائفي والمذهبي والاستعلائي، مشيرا الى أن الطرح الوطني والوحدوي هو الحاصل الانتخابي الحقيقي الذي أوصل نسبة كبيرة من النواب الى البرلمان، مشيرة عبر "النشرة" الى أن رئيس المجلس لم يخفِ امتعاضه من ​القانون الانتخابي​، الأمر الذي لا يعتبر جديدا فقد سبق له أن اشار الى أن القانون الموجود اليوم هو أفضل الممكن نتيجة التجاذبات السياسية وحسابات الربح والخسارة التي رافقت إعداده، كاشفة عن أن بري سيحاول طرح تعديل القانون بشكل جذري مع الابقاء على مبدأ اساسي لن يسمح بمسه وهو مبدأ "النسبية".

اما بالنسبة للشق السياسي فتشير المصادر الى أن مرشح بري للحكومة ليس سريا، وهو سيكون الى جانب رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ لرئاسة الحكومة المقبلة، كونه لم يقف يوما بوجه هذا الخيار بل كان دائما ساعيا لان يكون للحريري في هذا الموقع لسبب بسيط، وهو انه الممثل الأول للشارع السني في لبنان. وتضيف المصادر: "هذا بالمبدأ ولكن عند الدخول بالاستحقاق سيكون لكل موقف حساباته وترتيباته خصوصا بعد أن أثبتت شخصيات سنيّة أخرى وجودها وحضورها، وسيكون موقف بري من رئاسة الحكومة واضحا ولكن في أوانه وحسب كل الخريطة السياسية التي ستتركب بالأيام المقبلة.

اللافت في كلام بري كان تصريحه عن ​وزارة المالية​ وحق ​الطائفة الشيعية​ بها، الأمر الذي وجده البعض لغما أولا في طريق تشكيل الحكومة المقبلة. وفي هذا السياق يؤكد الخبير الدستوري والمحلل السياسي عادل يمّين أنه لم يرد في ​اتفاق الطائف​ من حيث النص الدستوري اي مادة تعطي الطائفة الشيعية حقيبة وزارة المال، ومن حيث المضمون أيضا فليس هناك أي نص يعطي الطائفة الشيعية هذه الحقيبة، كما لا يعطي أي حقيبة لأي طائفة، مشيرا الى أنه لم يتم الاتفاق في اتفاق الطائف على توزيع للوزارات فيما بين الطوائف، انما تم الاتفاق على توزيع المواقع الرئاسيّة بموجب تفاهم غير مكتوب.

ويضيف يمّين في حديث لـ"النشرة": "الدلالة على ما نقول انه بعد اتفاق الطائف سواء في مرحلة الشهيد ​رفيق الحريري​ او في مرحلة ​سليم الحص​ او ​عمر كرامي​ او مرحلة ​نجيب ميقاتي​ او مرحلة سعد الحريري، كان وزراء المال غير الشيعة اكثر بكثير من الوزراء الشيعة وقد تمت هذه العملية برضى بري وعلى اساس تفاهمات معه ادت لمنح ​كتلة التنمية والتحرير​ "الثقة" للحكومات في المجلس النيابي".

ويلفت يمّين النظر الى ان أركان الطائف لم يتحدثوا سابقا عن احقيّة أي طائفة بأي حقيبة وزارية، ونحن بدأنا نسمع بهذا الأمر مؤخرا، الا أن كل ذلك لا يعني أن شيئا يمنع "الشيعة" من الحصول على وزارة المال. ويعتبر ان هذه النقطة ستكون موضع شدّ حبال بين الافرقاء وقد تكون طرحت لرفع سقف التفاوض، مؤكدا أنه حتى اللحظة لا يوجد أي موقف للتيار الوطني الحر بشأن أي حقيبة وزارية.

أطلق بري الرصاصة الاولى في "معركة" تشكيل الحكومة المقبلة، فهل ستكون المعركة قاسية تمتد لوقت طويل أم أن حكومة العهد الاولى ستبصر النور في مدّة زمنية قصيرة على عكس ما جرت عليه العادة؟.